وقفة: أن تكون مصوّراً صحافياً

  • 0
  • ض
  • ض
وقفة: أن تكون مصوّراً صحافياً
لحظة الإعتداء على المصور حسن شعبان (تصوير :ريشار سمور)

«أنا صحافي». كرَّرها الرجُل أكثر من مرَّة. لعلَّ «الكلمة» هذه «تشفع» له وتحميه من ثقل «اليد الحديديّة» التي وقعت على رأسه في أحد شوارع العاصمة قبل أيام. قُضي الأمر. لا مظلّة للصحافي في بلادنا. أن يسقط حسن شعبان وريشار سمّور وزكريا الخطيب على الأرض تحت أقدام «العسكر»، إنّما يعني ذلك سقوط لما تبقّى من «الحصانة المعنوية» التي تمنحها مهنة الصحافة لمن ينتمي إليها فعلاً. أنت صحافي؟ لا معنى لذلك. وربما تكون حصتك من «العنف» أكبر من غيرك فقط لأنك تقوم بتصوير ما لا تريده «القوى الأمنية» أن يظهر للناس. هل ينتهي الأمر ببيان صادر عن «مديرية التوجيه» في الجيش تؤكد فيه القيادة على «أن حرّية التعبير والتظاهر السلمي وحرية وسائل الإعلام المسؤول مقدّسة لديها ضمن الأطر القانونية»؟ حسناً. ما الذي كان يفعله المصوّرون الصحافيون خارج الأطر القانونية؟ ومَن يحاسب «العناصر» الذين اعتدوا عليهم من دون ان يرتكبوا أي خطأ؟ وهل يكفي أن تتصل «القيادة» بالزملاء الذين تعرَّضوا للضرب والإعتذار منهم؟ قُضي الأمر. لم ينبسّ أحد ببنت شفة. لم تُسمع إدانات واستنكار من سياسيين و«محللين سياسيين» يملأون الشاشات ليلاً نهاراً بالهراء على أنواعه. اختفى «حِس» نقابات الإعلام على اختلاف مسمياتها ومجالاتها و«مجالسها المرئية والمسموعة» وغير المرئية. يقول البعض «إن التعرّض الدائم للمصورين الصحافيين بشكل خاص هو نتيجة ثقافة ومفهوم خاطىء ينظر إلى المصوّر كعدو، الأمر الذي يعرّضه دائماً لتعديات تطال حياته وكرامته». يستغرب آخرون أن يتمّ الإعتداء على المصوّر المكلّف بمهمّة صحافية من قبل مؤسسته في الوقت الذي بات بإمكان كل مواطن أن يصبح مراسلاً في زمن وسائل التواصل الاجتماعي. مَن يحمي المصوّر الصحافي؟ تلك هي المسألة. يكاد يُجمع معظم المصوّرين الصحافيين على «الدور الصُوَرِيّ» لنقابة المصوّرين الصحافيين. يقولون إن دورها يقتصر على «بيانات الإدانة والإستنكار التي لا تقدّم ولا تؤخر». برأيهم، فإنّ بيانات النقابة غالباً ما «تتّسم بسقف منخفض وبمحاولة تضييع المسؤولية المباشرة». في بيانها الأخير، دعت النقابة إلى «تحقيق شفّاف» في ما حصل واضعة «إمكانياتها» في تصرّف الزملاء المعتدى عليهم رغم انهم غير منتسبين للنقابة التي تضم اليوم 356 منتسباً لها. ينفي نقيب المصوّرين الصحافيين عزيز طاهر في حديث لـ«الأخبار» إتهامات البعض للنقابة بالتقصير ويؤكد: «قمنا ونقوم بدورنا وأكثر». يقول: «البيان الأخير كان واضحاً في مضمونه ورافضاً لما حصل بعيداً عن الشعبوية والتوتر لأن الهدف من البيان هو إيصال الصوت لعدم تكرار الحادثة». ويضيف: «لكن نحن أيضاً لا نقبل أن يتلطّى خلفنا أحد لمهاجمة جيشنا الوطني وما حصل هو عمل فردي وليد اللحظة وهو مسيء للمؤسسة العسكرية في الدرجة الأولى». وإذ يلفت طاهر إلى أن النقابة تقوم بتواصل دائم مع الجهات المعنية لأجل تحييد وحماية المصورين خلال تغطياتهم الصحافية، فإنه يحمّل وسائل الإعلام أيضاً مسؤولية حماية العاملين فيها، باعتبار أن الإعتداء على مصوريها هو اعتداء على هذه المؤسسات التي يهاجم بعضها النقابة ولا يكلف نفسه حتى نشر البيان! يضيف: «ثمة صعوبة كبيرة اليوم في الخروج بمواقف موحدة تجاه عدد من القضايا التي تهم العاملين في القطاع الإعلامي بسبب أن معظم المؤسسات الصحافية هي إما مؤسسات حزبية أو تراعي مصالح سياسية وغير سياسية». لا شيء إذاً يضمن عدم تكرار ما تعرّض له عدد من المصورين الصحافيين خلال تغطية مظاهرة مطلبية قبل أيام. ثمّة فارق كبير بين صورة الضابط الذي صرخ في وجه الإسرائيلين على الحدود مع فلسطين المحتلة وبين صورة الضابط الذي اعتدى على صحافي كان يقوم بأداء وظيفته فقط. تلك صورة العسكري القوي وهذه صورة العسكري الضعيف. «عسكر على مين»؟

0 تعليق

التعليقات