لسمر أبو خليل، باع طويل على الشاشة، وفي «خنادق» المحاورة والمواجهة. ولقناة «الجديد» أيضاً، محاولاتها المستمرة للتغيير و«التمرّد»، على ما هو سائد في عالم التلفزيون، والذي أحياناً قد لا يصيب أهدافه. لكن هذه المرة اجتمع الأمران معاً. بعد ما يمكن توصيفه بـ«البروفة»، قبل أربع سنوات عبر برنامج «سيّد القصر»، قفزت سمر أبو خليل وفريق العمل، قفزة نوعية في طرح وتقديم البرنامج السياسي الحواري (التوك شو)، مع وجود بعض الثغر التي لا تشكّل «زحزحة» للمشهد ككل.
«سيّد نفسه» (إخراج نضال بكاسيني)، الذي بدأت أولى حلقاته أمس، مع المرشح عن دائرة كسروان، العميد شامل روكز، كانت انطلاقته واعدة، ومبشرّة بالموسم الانتخابي النيابي الحالي. ساعة من الزمن، جرى أغلبها في أحضان الطبيعة (محميّة جبل موسى ـــ كسروان الفتوح). سارت أبو خليل، وقطعت مساحات حرجية صعبة، وتسلّقت المرتفعات، إلى جانب روكز، موظّفة بذكاء شديد، جغرافيا المكان، في التلميحات والأسئلة الجدليّة السياسية وحتى العائلية.
رغم الشخصية الهادئة التي يلفّها الغموض وقد آثرت الصمت على الكلام، وصعوبة مهمة الإعلامية اللبنانية في انتزاع الإجابات اللازمة من الجنرال، الا أن الحلقة أتت انسيابية، عفوية، كأي شخصين يمارسان هواية الرياضة في أحضان الطبيعة ويتسامران. لم نر حدوداً ترسم بين الشخصين، ولا قفازات تلبس لتمرير مديح مبالغ فيه (رغم عدم إخفاء أبو خليل إعجابها بالجنرال، وإغداقه بعبارات من المديح، سيّما في المقدمة والختام).
«سيّد نفسه» قمّشته أبو خليل، بحرفة عالية، وبخطوات مسبقة مدروسة، في محاولة ربما «للإيقاع» بالعميد الدبلوماسي، كإعداد القهوة، لسرد حادثة محاولة تسميمه في أميركا، أو سؤاله أثناء نزولها من أعلى الجبل (Rappel)، عن موقعه الحالي في «التيار الوطني الحرّ»، «المعلّق ما بين الأرض والسماء».
ورغم نوعية الإخراج الذي استخدمت فيه كاميرات من الجوّ والأرض، وأعطت الحلقة، بعداً جمالياً، وقيمة مضافة، إلا أنّ تكرار اللقطات القريبة (close- up)، والمطردة، لحركات الأيدي والوجه، شتّت المشاهد، وضيّعت تركيزه على الحوار.
ضمن هذه الساعة التلفزيونية، استطاع «سيّد نفسه» تعريفنا بجوانب إنسانية وشخصية، فتح العميد بعض أبوابها، وأغلق أخرى (أغلبها سياسية/عائلية). لم تحتج الحلقة الى جهد لتظهير هذه الزوايا، فأتت انسيابية، هادئة، غير متكلفة. طرحت الأسئلة اللازمة، ولو لم تلق إجابات شافية. لم تستخدم أبو خليل، صفة الإصرار على الأسئلة المحرجة غالباً، بل فضّلت «إعادة تدوير» السؤال بدلاً من الدخول في مشاداة قد تفسد أجواء الحلقة. باختصار، نقلت «الجديد» المنافسة بين الشاشات في الموسم الانتخابي، الى مكان أبعد ومختلف، في الحوار السياسي، وطريقة إدارته، وتظهيره في الشكل والمضمون، في انتظار حلقة سامي الجميل في الأسبوع المقبل.


«سيّد نفسه» كل أربعاء عند الساعة 21:30 على «الجديد»