في لعبة «الإعلام والجمهور»، ليس صحيحاً أن «ناقل الكفر ليس بكافر». في هذه اللعبة تحديداً، تكون وسائل الإعلام إما راعياً مهنياً للوعي العام، ومسؤولاً يتعاطى بجدية معه، أو مؤججاً لـ «الكفر». في لبنان، تتعاطى وسائل الإعلام مع ظاهرة ميريام كلينك كـ «طعم» جنسي تصطاد به جمهورها، ليس إلا. تحول كليب كلينك مع المغني جاد خليفة، إلى مادة دسمة أعيد طبخها، وتقديمها للمتابع على طبقٍ من فضة.
هذا الكليب الإيحائي تحول من خبر إلى «حدث» يتصدر صفحات التواصل الاجتماعي للعديد من المؤسسات الإعلامية بشكل مريب. على سبيل المثال، تصدر موقع تلفزيون «الجديد» قائمة متداولي اسم كلينك بجدارة. خلال 24 ساعة، نشر الموقع 5 أخبار عن الفيديو وتداعياته. استخدمت عبارات ايحائية واضحة، مقتطفة من الأغنية، على صفحة الموقع على فايسبوك، فضلاً عن نشر الفيديو نفسه. يعمل بالوتيرة نفسها موقع قناة «أو. تي. في»، وموقع «تيار دوت أورغ»، إذ نشر كل منهما حوالي 5 أخبار عن الموضوع عينه خلال 24 ساعة، بالطريقة المبتذلة نفسها، لاعبين على أوتارٍ جنسية لا تمت للمعالجة الخبرية بصلة.
على غير عادةً، تعامل موقعا «المؤسسة اللبنانية للإرسال» و«أم. تي. في» مع ما تحول إلى «خبر» بهدوء أكثر. ورد ذكر كلينك مرتين خلال 24 ساعة على صفحات الموقعين المذكورين. لا ينفي هذا نوعية الأخبار الجنسية التي يمررها موقع «ال. بي. سي. آي» بكثرة، لكن مع حالة كلينك الأخيرة، لم تزدهر «تجارة الجمهور» لديه.
الحكم هنا ليس على كلينك نفسها، ولا على المحتوى الذي تقدمه. فالأخلاقيات الاجتماعية نسبية، تختلف من بيئة وأخرى ومن مجتمع إلى آخر، فيكون على المرء انتقاء ما يشاهده بنفسه، من دون أحكام جاهزة ومعلبة. لكن بالتأكيد، قد يقع اللوم على وسائل الإعلام التي من شأنها مراعاة «المسؤولية الاجتماعية» التي تحكم علاقتها مع جمهورها. في الكليب المنشور الكثير مما يمكن معالجته بمهنية وعمق أكبر، كظهور طفلة قاصر مثلاً. لكن اللجوء إلى سطحية النشر يضعنا أمام مشهدٍ آخر من «الانحطاط الفكري».
وبينما أقدمت الدولة اللبنانية، العاجزة بدورها على حل معضلاتنا الوطنية، على منع بث فيديو كليب ميريام كلينك وجاد خليفة وسحبه من التداول على كل وسائل الاعلام المرئية ووسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب «تحت طائلة غرامة قدرها 50 مليون ليرة في حال المخالفة»، تعاملت معه بعض الوسائل الإعلامية بمبدأ: «إن كنت لم تشاهد تعري كلينك بعد.. إليك ذلك»!