استديوهات تحليلية! هذا ما تحولت اليه منصات التواصل الاجتماعي بعد عرض حلقة جديدة من مسلسل «غراند اوتيل» (تأليف تامر حبيب، وإخراج محمد شاكر خضير) خلال شهر رمضان. المسلسل تحول ظاهرة تؤشر إلى استفاقة متأخرة للدراما المصرية التي يمكن لجميع أفراد العائلة مشاهدتها تنهض من كبوتها التي طالت. والتفاعل مع أحداثه عبر الهاشتاغات والصور والـ memes دلالة على المتابعة الواسعة لتفاصيله من قبل جمهور يتحدث العربية في كل العالم.في بداية رمضان، كان «غراند اوتيل» مسلسلاً من عشرات المسلسلات التي تنتج في الموسم الدرامي. لكن بعد نحو اسبوع، تحول حصاناً أسود محافظاً على تقدّمه حتى نهاية الشهر الكريم، ولم ينافسه الا مسلسل «أفراح القبة» (قصة للراحل نجيب محفوظ وإخراج محمد ياسين)، مع أنّ المسلسلات كثيرة ومواضيعها متنوعة.
شخصيات مختلفة
حد التناقض جسدها بدقة وبنضج

حلقات المسلسل التي عرضت على يوتيوب، لا يمكن مشاهدتها من بعض الدول العربية، لكن أرقام متابعة كل حلقة على حدة، تؤكد على جماهيرية العمل في البلدان التي أمكن لمشاهديها متابعته. كذلك، فإنّ الهاشتاغ الخاص بـ «غراند أوتيل» سواء على تويتر أو فايسبوك، يسجل تعليقات جديدة كل لحظة تقريباً بعد عرض المسلسل. لا يمكن لمتابع هذا الهاشتاغ والهاشتاغات الأخرى التي تحمل أسماء الممثلين، الا أن يلحظ أنّ التفاعل لم يقتصر على ابداء الاعجاب بممثل أو بمشهد، بل بات يفتح نقاشاً وحواراً وتمنيات المشاهدين على صناع العمل. مثلاً حين ظهرت شخصية الهام التي جسدتها دعاء سيف الدين ـــ حبيبة البطل عمرو يوسف السابقة ــ في المسلسل، كانت نقمة روّاد السوشيال ميديا كبيرة على هذا التطور غير المحبب لدى الشغوفين بقصة الحب بين يوسف وأمينة خليل التي لعبت شخصية نازلي.
الحب بين الممثلين ملوني العينين، كان محل متابعة يومية وحثيثة من محبي العمل، وتم تداول جمل تبادلاها بشكل مكثف، ولا سيما بين الشابات اللواتي عبرن عن رغبتهن بشاب بوسامة علي وبحبه كي يغرمن به. ولكن الاستديو التحليلي المفتوح عبر الانترنت، انشغل أيضاً بتفكيك الأحداث وخلفياتها، بالتعبير عن حالات السخط أو الارتياح لتطورات المسلسل، وكذلك بالاشادة بالممثلين. وكلهم بالمناسبة أجاد دوره بإدارة مخرج واثق ومتمكن واعتماداً على سيناريو وحبكة رشيقين ومحكمين. انوشكا القادمة أصلاً من عالم الغناء الى التمثيل، حصدت إعجاباً واسعاً لتمكنها من دور الشريرة المتسلّطة الارستقراطية، حتى وصفها أحدهم بأنها زلاتان إبراهيموفيتش الموسم الرمضاني في احالة على لاعب كرة القدم السويدي الموهوب. أما محمد ممدوح بدور أمين النادل البسيط في «غراند أوتيل»، فقد قدم دوراً لن يكون تجاوزه سهلاً بالنسبة إلى مهنته والجمهور، مع أنّه وجه مألوف وممثل ذو بصمة خاصة لدى محبي الدراما التلفزيونية من خلال مشاركاته في مسلسلات أبرزها «طريقي» العام الماضي مع طاقم الاخراج والسيناريو نفسه.
ما قدمه «غراند أوتيل» من عناصر متكاملة كرس نجاحه بين مسلسلات عدة رصدت لها ميزانيات ضخمة وحملات اعلانية كبيرة. وهو بلا شك شكّل حالة لا يمكن إغفالها على السوشال ميديا. هذا النجاح يجعل الخطوة المقبلة لكل من شارك في صنعه أكثر صعوبةً ودقة. الوصول الى القمة ــ على صعوبته ـــ يبقى أسهل من الحفاظ عليها.