ماتت شاعرة الأطفال. أميرة الحوماني (1934ـــ 2013) رحلت قبل أيام في منزل العائلة في بلدة حاروف (النبطية ــ جنوب لبنان)، مخلّفة عشرات الدواوين والقصص. هي صغرى بنات الشاعر الشيخ محمد علي الحوماني (1898 ــ 1964) صاحب ديوان «فلان» الذي عرّضه للملاحقة السياسية في عهد الرئيسين بشارة الخوري ورياض الصلح، فأبعد إلى مصر، ليعيش أعواماً حافلة بالنشاط الأدبي والشعري. في بيت العائلة العتيق في حاروف، حضر حبيب صادق والسيد هاني فحص ليواسيا آخر حبات عنقود عائلة «الشيخ» الأديبة بلقيس الحوماني صاحبة رواية «حي اللجى». تحكي بلقيس عن شقيقتها التي انتكست صحياً منذ مدة، ثم انقطعت عن الطعام، «فقط الأوراق والقلم، لم يفارقا يديها». أنتجت أميرة الحوماني مئات القطع الموسيقية والشعرية في الإذاعة اللبنانية التي أمضت فيها نحو 37 عاماً حتى صنّفت مؤلفة تراثية. قالت في مقابلة معها قبل فترة: «بقيت في الإذاعة 37 عاماً، ومن يعط هذه السنوات للتراث، يصبح من حقه إحياء هذا التراث. صار بإمكاني تأليف نماذج تتعلق بالتراث ويحق لي تسميتها تراثية، حتى لو كانت جديدة، من غير أساس تراثي قديم، لكن المهم أن أبني على خميرة تراثية».
بين عامي 1967 و1968، أصدرت مجموعتي «هيك غنّينا» بهدف إحياء الفلكلور اللبناني للصغار (تأليف وتلحين أميرة الحوماني)؛ وساعدت شقيقتها بلقيس في تنفيذ الرسوم، ثم ترجمتها إلى الإنكليزية. قدم لها سعيد عقل إحدى مجموعتيها، فكتب: «في أغاني الطفولة ليست أميرة إلا كاسمها (...) لكن أروع ما عندها حسّها الذي يعرف أن ينتقي. اذنها ساحت في كل مخابئ الذوق من لبنان، ومن كل القرى المعلقة عند الغمام، «لقوطت» أغاني كقطع السكّر، عليها عاش الفرح الطفولي وماد سهل وجبل».
نشأت أميرة في حاروف ثم انتقلت إلى القاهرة حيث عاشت فترة وتعلمت العزف على البيانو والعود. بعدها، انطلقت مدرّسة في الكويت، حيث بدأ انتاجها نظماً وتلحيناً في سنة 1962، لينشر في بعض المدارس هناك، ثم ما لبثت أن عادت إلى وطنها حيث تابعت عطاءها في الإذاعات المختلفة وخصوصاً اللبنانية. شقّت طريقاً جديداً هو إحياء وتطوير الفلكلور اللبناني للطفل فأنجزت مئات الأغنيات والأناشيد وعشرات الاسكتشات الغنائية في الإذاعة اللبنانية. ترجمت مجموعتها «هيك غنينا» إلى الإنكليزية وقدمت في جامعة «كولورادو» كنموذج لتعريف الطفل الأميركي على الطفل اللبناني من خلال موسيقاه.