تستمرّ في حي الحلفاوين وسط مدينة تونس العتيقة الدورة الثانية من «مهرجان تجليّات الحلفاوين» الذي ينظمه «المسرح الوطني» بدعم من مؤسسات اقتصادية ومالية، حتى بعد غدٍ الأحد. تهدف نسخة العام الماضي أساساً إلى تنشيط منطقة الحلفاوين الشعبية التي دائماً ما كانت حاضرة في الذاكرة الجماعية للتونسيين نظراً إلى دورها الكبير في احتضان الحركة الوطنية في زمن النضال ضدّ الاستعمار الفرنسي والحركة الثقافية في ثلاثينيات القرن الماضي تحديداً. كان الافتتاح بعرض «مونولوجات غزة»، وهو قراءات بأصوات بسمة العشي، ونرجس بن عمّار، وسنية زرق عيونه، وصالحة النصراوي، وشاكرة رماح، وسيرين ڤنّون، ورحيّم البحريني. كما شارك الشباب وجد وفرح دربال، وأيمن مبخوت، بحضور العازفين ياسر الجرادي وروضة عبد الله إلى جانب أحمد قريناوي من غزّة.
علماً أنّ «مونولوجات غزّة» هو حملة دولية أطلقها «مسرح عشتار» في فلسطين تهدف إلى قراءة نصوص كتبها أطفال وشباب من غزة ضمن ورشات نظّمها إثر العدوانات والهجمات الإسرائيلية المتكرّرة على غزة (2010، و2014، و2023). وتجسّد هذه النصوص بطولات المقاومة رغم المآسي، وتوثّق لملحمة شعب شجاع لا يستسلم. هي نصوص مسرحية وشهادات حيّة وأغنيات عن فلسطين تصدح عالياً لتكون صدى يجوب العالم في تأكيد لوجود أناس عاديين يحبّون الحياة ويجدون لها سبيلاً، ومن غزّة صرخوا: «لن يكتب التاريخ من دوننا»!
هذا العرض الشعري الموسيقي كان تحيّة تونسية إلى غزّة التي تشيّع أبناءها يومياً في مذبحة مستمرّة منذ سبعة أشهر على الهواء مباشرةً. وأشار بيان «المسرح الوطني» إلى التزام الفنانين التونسيين بدعم القضية الفلسطينية: «لتؤكد هذه التظاهرة من جديد أنّ أهل الفن في تونس، مهما كانت انشغالاتهم واهتماماتهم، يضعون القضية الفلسطينية في جوهر إبداعاتهم ويناضلون بكل ما أوتوا من فن من أجل أن يسترد الشعب الفلسطيني سيادته وأرضه المسلوبتين ويؤسس دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف».
يتضمّن برنامج «تجليّات الحلفاوين» عروضاً في مسرح الشارع، من بينها مسرحية «التائ... هان» لوحيد الخضراوي ونزار الكشو، إلى جانب عرض فيلم إبراهيم لطيف الجديد «فوفعة»، وعرض أدائي لنجوى ميلاد بعنوان «النعوشة». هذا فضلاً عن عرضي «المهرّج» و«كان يا مكان في الحلفاوين» لمدرسة الممثل في «المسرح الوطني» (تأطير الأسعد بن عبدالله)، وعروض موسيقية.