دعا «مركز التراث اللبناني» في الجامعة اللبنانية الأميركية LAU إلى ندوته الشهرية، وكانت فيلماً وثائقياً بعنوان «عَ السكِّة يا تران» من إعداد وإخراج زينة حداد، حول تاريخ القطار في لبنان منذ تأسيس خطه الحديدي سنة 1895 حتى توقُّفه مع أواسط 1975 عند تدهور الوضع الأمني في لبنان.افتتح الندوةَ رئيسُ الجامعة ميشال معوض موضحاً «تساؤُل البعض عن العلاقة بين التراثِ اللبناني والقطار مع أنه ليس من تُراث لبنانَ في شَيْء»، فشرح أن «العلاقةَ ليست في القطارِ ذاته بل في مفاعيلِ ظُهُورِ القطار وتأْثيرِها على الاقتصاد اللبناني تجارةً وزراعةً وتراثاً حيوياً، لأن إِنشاءَ الخط الحديدي للقطار كان عاملًا اقتصادياً حيوياً لمنطقة شرقيِّ المتوسط انطلاقاً من لبنان. فبعد قرونٍ طويلةٍ بقيَت خلالَها المسافةُ بين بيروت ودمشق (نحو 100 كلم) محصورةً بدروب الأَحصنة، تَعبُرُ الجبال والوهاد في ثلاثةِ أَيام، بات يمكنُ اجتيازُ المسافةِ بيومٍ واحد، فاحتشدَ السيرُ يومياً عليها، وانتعشَت الدورة الاقتصادية. ومع شقِّ الطريق الـمُعبَّد لعَرَبات الخيل، تنامى ازدهارُ الحركة في مرفأ بيروت عند آخر القرن التاسع عشر».
وأضاف: «كان لا بُدَّ من إِنشاءِ خطٍّ حديديّ بين بيروت ودمشق بدأَ العمل به سنة 1891، وانتهى بعد أَربع سنوات، وتمَ التدشين في 4 آب 1895 فكان ذاك أَولَ خطٍّ حديديٍّ في المشرق انطلاقاً من لبنان، وباتت رحلة القطار بين المدينتين تستغرق 9 ساعات فقط عوضَ عذاب ثلاثة أَيام قبلذاك».
وختم: «حرَّك هذا الخطُّ معظم الحركة التجارية من دُوَل المتوسط إِلى لبنان، ومن الداخل اللبناني إِلى دُوَل المنطقة. وبهذا كان القطارُ عنصراً رئيساً في تنشيط مَعْلَمٍ رئيسيٍّ مُهِمٍّ من التراث اللبناني».
بعده تحدث مدير مركز التراث الشاعر هنري زغيب عن رمزية القطار في التراث الفني اللبناني ومنه فيلم «سفر برلك» ومسرحية «المحطة» للأخوين رحباني وفيهما كان القطار موضوعاً رئيساً، وخصوصاً في عبارة «الانتظار خلَق المحطة وشوق السفَر جاب التران».
مخرجة الفيلم زينة حداد أوجزت عملها في الإعداد والتصوير طيلة أربع سنوات منذ أقصى خط الناقورة جنوباً حتى آخر خط النهر الكبير شمالاً، ومن محطة مار مخايل في بيروت حتى الخطين الجبليين: أحدهما يمر في رياق ويكمل إلى سرغايا مروراً بعاريا وعاليه وصوفر وضهر البيدر وسواها، والآخر يمر في سعدنايل وبعلبك وراس بعلبك ويكمل إلى حمص وما بعدها. وكانت وقفة سريعة مع «قطار السلام» سنة 1990.
وختاماً، عُرض الفيلم وهو من 50 دقيقة، غني بالوثائق والصوَر والخرائط والمقابلات الميدانية مع أشخاص كانوا معنيين وظيفياً بالقطار في تلك الفترة عند مطالع السبعينات، وفي الفيلم شروح توضيحية وتعليقات مرافقة بصوت الفنان جهاد الأطرش.