عادة ما يسيطر مشهد البيت المقصوف بصاروخ، على عقول المتجمهرين، فيصبح الكل منشغلاً بالحجارة المتراكمة والأثاث المتطاير، وأسلاك الكهرباء المقطوعة، والضحايا، ولكن لا أحد يرى ذلك الهلع الصامت في عيون من كانوا قبل يوم أو ساعة يعيشون حياة أخرى. تلك العيون روت حكايات .. أخرى للمشهد.
الحلاق:

حلاق للشعر كان مستأجراً محلاً تحت البيت المقصوف، كان يدق باب محله بعنف يريد أن يدخل إلى المكان بأي شكل. فقد صار الباب الحديد مثل ورق التواليت بعد استعماله، لم يفطن أحد لجنونه الهستيري. لم يكن يفكر في المحل ولكنه كان يفكر في مبلغ من المال احتفظ به في ذلك المحل (هذا ليس غريباً فالبنوك هنا وقبل العدوان على غزة مهددة وأصبحت غير آمنة). بعد محاولات عدة، استطاع أن يدخل المحل وسرعان ما خرج وابتسامه عريضة على وجهه، وهو ينفض الغبار عن رزمة المال بين يديه.

بائع بقالة

قبالة البيت المقصوف، كان الناس ينظرون إلى البيت مشغولين بالاتصالات والتصوير، فميا صاحب البقالة ينظر إلى محله الذي صار على شكل طبق سلطة. فقد أصابه القصف ونصف ردم المنزل المدمر صار داخل محله. كان يشعر بالبكاء ولا أحد يلتفت إليه. كان يعد خسائره وما جمعت يداه طوال عمره ولا أحد يفهم سر سكوته وحركته الثقيلة. ويلات ما بعد القصف بدت أكثر قساوة من ويلات القصف ذاته.