اختارت الهيئة المنظّمة للدورة الـ 29 من «مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي» (من 1 حتى 8 أيلول/ سبتمبر المقبل) التي تحمل اسم بيتر بروك، تكريم المسرحي التونسي أنور الشعافي (1965 ــ الصورة)، تقديراً لمسيرته الطويلة عى الخشبة. منذ دراسته الجامعية في «المعهد العالي للفن المسرحي» في تونس أواخر ثمانينيات القرن الماضي، ومن ثمّ انطلاقته الفعلية في العمل المسرحي منذ أوّل أعماله «ليلة 27» وتأسيس «جمعية مسرح التجريب» في مدنين في عام 1990.مسيرة طويلة راكمها الشعافي في مجال المسرح التجريبي. كانت البداية برسالة بحث بعنوان «المسرح الحديث في تونس بين التجربة والتجريب»، توّجها بإقامة فنية في مسرح شتوتغارت الألماني، حول فنّ الإخراج، وقد قدّم ورشات عدّة بين ألمانيا وفرنسا وبلجيكا في الـ «كوميديا دي لارتي» والـ «بونتوميم» وفن الممثل وتكوين الكوميديا وتقنيات المسرح والرقص المسرحي والدراماتورجيا التطبيقية، فيما ترجم ما تعلّمه في أعرق مسارح أوروبا في أعماله المسرحية التي التزم فيها بالمسار التجريبي، وهو مسار لم ينافسه فيه أحد سواء من أبناء جيله أو من سابقيه، بما يجعل من مسيرته المسرحية مسيرة فارقة في المسرح التونسي.
أنور الشعافي مؤسس «مركز الفنون الدرامية والمسرحية» في مدنين (جنوب شرق ــ وزارة الثقافة)، والمدير العام الأسبق لـ «المسرح الوطني»، أكبر المؤسسات المسرحية في تونس. قدّم عدداً كبيراً من الأعمال التي تشكّل علامات فارقة في المسرح التونسي، مثل «رقصة السرو» (1991) و«الدرس» و«عود رمان» (1993) و«ترى ما رأيت» (2011) و«أولا تكون» (2016) و«هوامش على شريط الذاكرة» (2019) و«كابوس أينشتاين» التي ما زالت عروضها متواصلة.
قدّم الشعافي مسرحياته في فضاءات غير تقليدية، مثل الحمام والصحراء، معتمداً تقنية الممثل عن بُعد باستعمال الإنترنت وبمشاركة ممثلة فرنسية عن بعد في مسرحية تُعرض في تونس. كما أسّس «المهرجان الوطني لمسرح التجريبي» في مدنين في عام 1992.
تكريم أنور الشعافي في الحقيقة هو تكريم لمسيرة استثنائية لفنان منح حياته للمسرح، ولم يتوقف منذ حوالي 35 عاماً عن الإبداع المسرحي والشغف بكل جديد. فهو من المسرحيين القلائل الذين يتابعون ما يحدث في المسرح على صعيد العالم. وتزامُن تكريم الشعافي في القاهرة في النسخة التي تحمل اسم المسرحي العالمي بيتر بروك مصادفة يستحقها الشعافي.