في كتابه «سأكون بين اللوز»، يتعامل الكاتب الفلسطيني حسين البرغوثي (1954-2002) مع الاحتضار من خلال العودة إلى ذكرياته الطفولة في قريته كوبر، مسقط رأسه في شمال غرب رام الله، فيقدم شكلاً من المذكرات الشعرية عن الطبيعة والموت والحياة والمفهوم الإنساني للوطن. الكتاب صدرت ترجمته إلى الإنكليزية حديثاً عن «دار سيغل»، أنجزها المترجم والأكاديمي إبراهيم مهوي. وعن الدار نفسها، تصدر قريباً ترجمة كتابه «الضوء الأزرق».
يسجل البرغوثي في «سأكون بين اللوز» اللحظة التي يكتشف فيها أنه مصاب بسرطان الغدد الليمفاوية، ويسرد تفاصيل مختلفة يتنقل فيها بين طفولته وطفولة ابنه، في حالة تكشف عن المزاج المتناوب بين السرد والاستعادة والتفكير يميز هذه المذكرات التأملية.
طريقة قبول البرغوثي للنهايات واحتماله لفكرة الخروج من الحياة، هي التي تعطي الكتاب خصوصيته، فيعود من سن الأربعين إلى الطفولة، حيث المنزل الذي نشأ فيه محاط ببساتين اللوز والتين.
يمشي الشاعر في العديد من مسارات القبول بانقضاء الرحلة مبكرّاً بينما يسير في ظلال الأشجار، حيث يراقب الحيوانات والنباتات، فهو لا يعود فقط إلى الطفولة والبيت بل إلى الطبيعة بحد ذاتها، ويقرر بناء منزل يعيش فيه مع زوجته بترا وابنه آثر يرى فيه تجدداً للحياة.
إدراك البرغوثي لموته الوشيك كان يحثه أيضاً على التحدث عن هذه التجربة، فيربط القارئ بتقدم المرض على فترات متقطعة. وفي النهاية، يتخيل احتمال العودة إلى الحياة، إلى الأرض، حيث سيدفن بين أشجار اللوز.