بكتاب «أنطولوجيا الخطاب العربي في الترجمة»، افتتحت دار «راوتليدج» البريطانية إصدارتها لعام 2022. يضم العمل مختارات من الكتابات العربية المؤسسة عن الترجمة من اللغات الأخرى إلى العربية، حررها أستاذ الأدب المقارن طارق شمّا والمتخصصة في دراسات الترجمة مريام سلامة كار، وقد أرفق كل نص بمقدمة تتناول أهميته ونبذة عن مؤلفه وتوضح السياق التاريخي لكتابته.في الكتاب خمسون نصاً مترجماً من العربية، جرى اختيارها من بين 500 نص يوفر العمل قائمةً بها في ملحق خاص. تغطي المختارات فترة طويلة واتجاهات مختلفة في الفكر والأدب، حيث تمتد في تاريخ تأليفها من العصور الأولى للترجمة أي القرن السادس الميلادي، وصولًا إلى نهاية الحرب العالمية الأولى. وجرى تقسيمها إلى مجموعتين: الحقبة الكلاسيكية وعصر النهضة.
اللافت أنّ هذا الجهد في جمع أنطولوجيا المؤلفين والكتّاب العرب في الترجمة والنقل لا يتوافر في كتاب جامع بالعربية نفسها، ما خلا الدراسات التأريخية التي لا تقدم أنطولوجيا بحد ذاتها، فعلى الباحث العربي أن يشق طريقه وحده بحثاً عن هذه النصوص منفردة هنا وهناك، لو كان في نيته دراسة أي جانب من تاريخ الترجمة في الثقافة العربية.
من بين النصوص التي وقع الاختيار عليها وتنتمي إلى العصر الكلاسيكي؛ «رسالة بولس الرسول بخصوص ما تُرجم من كتب جالينوس» لحنين بن إسحق، و«الفلاحة النبطية» لأبو بكر بن وحشية، و«مناظرة حول مزايا النحو والمنطق» لمتى بن يونس وأبو سعيد الصيرفي، و«تفسير التوراة بالعربية» لسعديا بن جاؤون بن يوسف الفيومي، و«التقريب لحد المنطق» لابن حزم الأندلسي، و«تعليق على شاعرية أرسطو» لابن رشد، و«سجلات الزمن» لمؤلف مجهول من أواخر القرن الثالث عشر.
ومن النصوص المختارة من عصر النهضة؛ «تاريخ الجبرتي» لعبد الرحمن الجبرتي، و«وثيقة تعيين رفاعة الطهطاوي» لمحمد علي باشا، وخطاب ألقاه مارون النقاش عند أدائه مسرحية «البخيل»، و«كشف المخبأ عن فنون أوروبا» لمحمد فارس الشدياق، و«مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين» لسمعان كلهون وغيرها.
وبحسب مقدمة المحررين، فإن هذه الأنطولوجيا تسهم في تطوير تاريخ شامل للترجمة التحريرية والشفهية العربية، وتغطي مختاراتها دراسات الترجمة واللغة العربية وآدابها، بالإضافة إلى علوم اللاهوت واللغويات والتاريخ العربي والإسلامي.