لم يستطع وباء مهما بلغ تماديه أن ينغّص على المصريين «الجُمال» (عبارة مصرية صرفة) حياتهم واحتفالهم بالحياة وبالفن وبالسينما. هكذا، انطلقت فعاليات الدورة الثالثة والأربعين من «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» (مستمر لغاية 5 كانون الأوّل/ ديسمبر المقبل) يوم الجمعة الماضي، جامعةً عدداً كبيراً من الحاضرين من داخل مصر وخارجها.كان من الواضح بعد غياب سبع سنوات عن المحروسة التي لا تفارق ساعاتك ويومياتك ولو بأغنية أو بآهة للست، أن تتلمّس معالم الاشياء من جديد. فقد حضرت شخصياً المهرجان في دار الأوبرا لسنوات وواكبت تطوّره وكل التغييرات التي طرأت عليه. وجوه تغيّرت وأخرى حضرت بعد عودتك مجدداً لمواكبة الحدث.
بدا واضحاً أنّ حالة شبابية ديناميكية وعصرية تترافق مع سير المهرجان. اسم المنتج محمد حفظي (مدير المهرجان) وحده كفيل بضخ دماء جديدة في الحدث السينمائي الأبرز ومواكبة كل تطور حاصل في صناعة الفن السابع، من خلال صور وملصقات وعروض ومعلومات وحركة تسهل على الزائر مهامه، وشباب في مقتبل العمر يسهلون حركته ويحيطونه بالاهتمام.
في الآونة الأخيرة، بهتت ألوان فساتين «مهرجان القاهرة» قليلاً لحساب مهرجانات أخرى سرقت الأضواء (الجونة مثلاً) إلا أنّ المعادلة باتت واضحة على طريقة المصريين: خذ أنت الفساتين ودع لي السينما الجميلة والأفلام القيّمة التي وصفها حفظي بـ «قوّة مصر الناعمة». وهو ما أكدت عليه وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم: «سندعم المهرجان دائماً لنقدم صورة طيبة عن مصر الحضارة والثقافة والفن...».
خلافاً لكثير من المرات السابقة، كان الافتتاح عميقاً وسلساً في الوقت نفسه. لعلّ أجمل ما فيه تلك اللفتة المتمثّلة في فيديو يسلّط الضوء على مبدعين غير مصريين قدّموا أعمالهم في المحروسة.
إيفيهات ونكات ظريفة تتطاير هنا وهناك، مع نجوم توالوا على المسرح من مكرّمين ومقدّمين. مشهدية، تولّد حالة من البهجة، خصوصاً عفوية منى زكي وديناميكية كريم عبد العزيز وطيبة نيللي ودلعها وخفة ظلّ سمير صبري وخالد الصاوي ونجم صاعد مثل علي ربيع، إلى جانب حضور رئيس لجنة التحكيم المخرج الصربي أمير كوستوريتسا الذي ترافق صعوده على المسرح مع أداء جميل لفرقة موسيقية، ذكّر بأجواء أفلامه الرائعة.
حضور منوّع وملوّن من دول عدّة واحتفالية لم تشهدها مصر منذ أن أحكم جائحة كورونا قبضتها على العالم، مع عروض أفلام من حول العالم سنضيء على بعضها في الأيام القليلة المقبلة، من بينها «بنات عبدالرحمن» (الأردن ــ إخراج زيد أبو حمدان) و«بلوغ» (السعودية ــ إخراج سارة مسفر وفاطمة البنوي وجواهر العامري وهند الفهاد ونور الأمير)...