للعام الثاني على التوالي لن تضاء المسارح التونسية التي كانت تحتفل بالموسيقى والمسرح والرقص منذ منتصف ستينيات القرن الماضي. فتونس عرفت في العالم العربي بمهرجاناتها (حوالي 400) خصوصاً في فصل الصيف التي يحج إليها الفنانون من العالم ولا يكاد يوجد نجم واحد في ألوان الموسيقى لم يمر بمهرجاناتها في قرطاج واللجم والحمامات وسوسة وصفاقس والمنستير، من الفنانين في البلوز والجاز والموسيقى الكلاسيكية والطرب العربي. كان هناك أمل في أن تضاء المسارح في شهر آب (أغسطس) الحالي لكن كوفيد-19 بدّد هذا الأمل، فيما حاولت وزارة الشؤون الثقافية حتى اللحظة الأخيرة إيجاد صيغة افتراضية جديدة عبر تقنية الستريمنغ التي تم استعمالها في «أسبوع المسرح التونسي». لكن مرّة أخرى تتراجع الوزارة بعدما تبين استحالة وصعوبة تنفيذ هذا المقترح.
تقول الوزارة إنّها ستوجّه الميزانية المخصصة للعروض الفنية لتقديم مساعدات مالية للفنانين والتقنيين، وهم أكبر فئة في المجتمع التونسي تضررت من جائحة كورونا. فمنذ عام ونصف تقريباً، توقف النشاط الثقافي والفني بشكل كامل وألغيت كل المهرجانات الكبرى وكان الأمل معقوداً على إعادة تنظيمها هذا الصيف.
وقال مصدر مسؤول في وزارة الثقافة لـ «الأخبار» إنّ هذا الخيار مفروض عليها، على الرغم من أنّها حاولت تجنّبه وبحثت كل الخيارات لإيجاد صيغة لتفادي إلغاء المهرجانات، لكن الانتشار الواسع للفيروس واحتمال ظهور موجة جديدة في نهاية الشهر الحالي ضاعف من المخاوف.
هكذا، وللعام الثاني على التوالي، تقفر المسارح وتنطفئ الأضواء وتغيب أصوات الفنانين… إنّه زمن الموت الذي تنبعث رائحته من كل مكان يقصف الأرواح ويغرق المدن التونسية بالصمت!