نجح سيمون فيكيرت في اختلاق زحمة سير في أحد شوارع برلين الخالية، ما أدى بتطبيق خرائط «غوغل» إلى نشر معلومات مغلوطة عن حالة الشارع. الفنان الألماني الذي يستلهم أعماله من عصر الديجيتال، اختار أن ينفّذ عمله الفني Google Maps Hacks قبل أيام فقط من الاحتفال بعيد التطبيق الخامس عشر الذي تأسس عام 2005. في العمل الفني، وضع فيكيرت 99 هاتفاً ذكياً في عربة ودفعها في شارع خال من السيارات، خصوصاً أن التطبيق لا يحتسب هواتف الماشين. لكن بوجود الهواتف داخل العربة، صدّق تطبيق خرائط «غوغل» هذه الإشارات وبثّ معلومات عن ازدحام الشارع بالسيارات. وقد نشر فيكيرت الفيديو على موقعه الإلكتروني وعلى تويتر حيث أرفقه بجملة: «99 هاتفاً ذكياً بإمكانها أن تخلق ازدحاماً افتراضياً على خرائط «غوغل»، من خلال هذا الفعل، صار بإمكاننا أن نبدّل لون شارع من الأخضر إلى الأحمر، الأمر الذي يملك تأثيراً على العالم الواقعي والفيزيائي، عبر دفع السيارات إلى تغيير اتجاههاتها من شارع إلى آخر».
هكذا، لم تكن الغاية من هذا الاختراق هي العبث مع «غوغل» فحسب، بل الكشف عن الطبقات الكثيرة للمفاهيم التكنولوجية المعاصرة، بما فيها السلطة التي باتت تمتلكها على حركتنا اليوميّة. هكذا، لخّص فيكيرت عمله باقتباس جملة للمفكر ألفرد كورزيبسكي: «الخريطة ليست الأرض... بل نسخة أخرى من الواقع». تنطبق هذه الجملة على النقد الذي وجّهه العمل إلى التكنولوجيا، حيث يعتبر فيكيرت أنّ البيانات والقوائم والرسوم هي مجرّد تفسيرات، وليست بيانات محايدة. ويتم جمعها لهدف معيّن من قبل اجتماع عناصر عدّة من الأشخاص والتكنولوجيا والمال والسلطات، خصوصاً حين يتعلق الأمر بتطبيق «غوغل» الذي يعتمد عليه الملايين حول العام في تنقلهم على الطريق. وقد استند الفنان الألماني إلى مقال «سلطة الخرائط الافتراضية» لعالم الأنثروبولوجيا موريتز ألهرت الذي يتساءل فيه عن سلطة هذه الخرائط الافتراضية: «هل تعمل هذه الخرائط كشبكات تحدد سلوك وآراء وصور الكائنات الحية، عبر نوع من ممارسة السيطرة على المعرفة؟»، و«ما هي العلاقة بين فن السماح بالعبور وأساليب المراقبة والسيطرة والتنظيم في خرائط غوغل؟». يجزم ألهرت بأنّ Google Maps بدّلت جذرياً من فهمنا للخرائط، ولتفاعلنا معها، ولمحدوديتها التكنولوجية، وجمالياتها.