وبما يخصّ الكتاب التونسي، صدرت أبرز العناوين الفكرية والبحثية في تونس والخارج. في فرنسا صدر كتاب جديد باللغة الفرنسية للباحثة هالة الوردي بعنوان Les Califes Maudits الذي أثار جدلاً وردود فعل كبيرة في فرنسا وتونس، لأنه يعيد النظر في المرحلة التأسيسية للدولة العربية. وأصدرت ثماني باحثات مؤلّفاً مشتركاً بإشراف الباحثة والأكاديمية آمال قرامي بعنوان «النساء والمعرفة والسلطة» («مسكيلياني»/تونس و«الرافدين»/ بيروت) شاركت فيه سلوى بلحاج صالح وسلوى السعداوي وسماح اليحياوي وهاجر خنفير وهاجر الحراثي وريحان بوزقندة. وفي المغرب صدر «تاريخية التفسير القرآني والعلاقات الاجتماعية من خلال نماذج من التفسير» للأكاديميّة نائلة السليني الراضوي، عن «دار مؤمنون بلا حدود» التي أصدرت أيضاً كتاب الأكاديمية زينب التوجاني «الثواب والعقاب في كتب تفسير القرآن». على قائمة إصدارات العام أيضاً، هناك «والله أعلم» للباحثة ألفة يوسف التي تلقّت تهديدات من قبل الإخوان المسلمين، والجزء الثاني من كتاب الروائي والأكاديمي شكري المبخوت «تاريخ التكفير في تونس ـــ أبناء بورقيبة» الذي خصّصه لمحاكمة الإسلاميين للشاعر الراحل محمد الصغير أولاد أحمد وللأكاديميَّين الراحِلَين محمد الشرفي ويوسف الصديق. يضاف إليها صدور ترجمة الدكتور زهير الذوادي لكتاب الشيخ عبد العزيز الثعالبي «الروح التحررية في القرآن»، و«وصايا العفيف الأخضر» لحسونة المصباحي. روائياً، نذكر رواية «حمام الذهب» لمحمد عيسى المؤدب التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة «بوكر» العربية. وشهد عام 2019 صدور أول سيرة ذاتية نسوية بعنوان «في المياه المالحة» لرفيقة البحوري التي نالت جائزة المعرض التونسي للكتاب.
أما الحدث الأبرز، فتمثّل في إصدار «إحياء التراث والتنمية الثقافية» لمجلّد فني فاخر يحوي لوحات كبار الرسامين التونسيين والأوروبيين الذين عاشوا في تونس، وصوراً فوتوغرافية بعنوان «مدينة تونس حاضرة عربية متوسطية» الذي يعدّ رحلة فنية في تاريخ تونس العتيقة، والمدينة ذات الإرث الكولونيالي. حتى الآن، يعتبر هذا الكتاب أهم مؤلّف صدر عن العاصمة التونسية بمشاركة عدد من المؤرخين والمعماريين والباحثين في تأليفه. عالمياً، يمكن أن يكون الإنجاز الأبرز هو دعوة شركة «فايسبوك» الفنان والخطاط التونسي العالمي نجا المهداوي لرسم جدارية عملاقة في مقرّها المركزي في سان فرانسيسكو الأميركيّة.
لم يسجّل المسرح تطوّراً على مستوى الإنتاج الفني
وإلى جانب المهرجانات التونسية المعروفة، التحق هذه السنة مهرجانان جديدان بقائمة المهرجانات الفنية التي تحمل اسم قرطاج، هما «أيام قرطاج الدولية للخزف الفني» و«أيام قرطاج الدولية للهندسة المعمارية»، كما تمّ تأسيس «المهرجان الوطني للمسرح التونسي» الذي استمرّ لمدة شهرين في كل جهات البلاد، فيما تم استكمال شبكة المراكز الوطنية للفنون الدرامية والركحية في كل محافظات البلاد، ليصبح عددها 25 مركزاً تابعاً لوزارة الثقافة، مهمتها إنتاج الأعمال المسرحية وتأطير الشبان.
افتتح أيضاً «مركز تونس الدولي لحوار الحضارات ــ الفاضل بن عاشور» بحضور الشاعر السوري أدونيس، و«معهد تونس للفلسفة» و«معهد تونس للتاريخ والأنتروبولوجيا»، وهي مؤسسات جديدة تابعة لوزارة الثقافة.
شهد الإنتاج الدرامي التونسي خلال العام الذي نودعه إنتاج مسلسل حقق أعلى معدلات المشاهدة، وهو «نوبة» لعبد الحميد بوشناق صاحب فيلم «دشرة» الذي كان قد حقّق كذلك أعلى الإيرادات في تاريخ قاعات السينما التونسيّة. هناك أيضاً مسلسل «مايسترو» للمخرج الأسعد الوسلاتي، فيما احتضنت تونس تصوير مسلسل «ممالك النار» المثير للجدل، والذي شارك فيه عدد كبير من الممثلين التونسيين، منهم محمد السياري وخالد حمام وغيرهما. أما المخرج التونسي نصر الدين السهيلي، فقد نجح في تقديم مسلسل «أولاد الحلال» في الجزائر، حيث اختير كأفضل المسلسلات الجزائرية في السنوات الأخيرة.
قبل انتهاء السنة، ودّعت تونس أحد روّاد الفن التشكيلي في تونس منذ الخمسينيات، علي عيسى، حيث عثر عليه متوفى في بيته الذي حوله إلى متحف، وكان موضوعاً لشريط وثائقي «الرجل الذي أصبح متحفاً» لمروان الطرابلسي الذي شارك في «أيام قرطاج السينمائية». كذلك رحل الصحافي جمال الكرماوي الذي يعدّ أحد ألمع الصحافيين التونسيين، وغادرنا في الأيام الأخيرة المسرحي الشاذلي الورغي، وخسرت الشاشة المخرج التلفزيوني شوقي الماجري والمنتج السينمائي نجيب عياد. ومن الموسيقيين رحل بلغيث الصيادي الذي كان يلقب بفهد بلان تونس، للشبه الكبير بينهما، والمطربان منيرة حمدي ورضا ديكي ديكي.