يعود روبرتو قبرصلي إلى خشبة «مترو المدينة» في عرض جديد بعنوان «قبرصلي إن لوف». يطرح العمل إشكالية العلاقات العاطفية والاجتماعية السائدة اليوم. يحاول بأسلوبه الفكاهي والنقدي البحث عن نموذج أفضل لهذه العلاقات. علقت صورة روبرتو قبرصلي في الأذهان، سواء هضمها الناس أم لا. وجهه وتعابيره، أزياؤه المميّزة وتسريحته الملفتة، شاربه وصوته، عبارته الشهيرة Dudes… جميعها عناصر نجحت، بعد العروض المتتالية، في تثبيت شخصية القبرصلي التي رسمها الكاتب والمخرج المسرحي هشام جابر (1980) وأفصح عن هويتها في بطاقة تعريفه كما وردت على صفحة روبرتو قبرصلي الرسمية:«اسمه الحقيقي الدكتور روبيرتو قبرصلي ولد في زاروب الصيداني في منطقة زقاق البلاط، توفيت والدته عند ولادته. بعدما أتمّ عامه الأول، توفي والده ليعيش مع عمّه خوليو قبرصلي الذي علّمه أصول الهبل والهندسة المعمارية. في صباه، التحق بالمدرسة الحربية التابعة لعصابة شبقلو المتخصصة في نشل الفتيات على الموتوسيكل، لكنه سرعان ما طرد منها بسبب صوته المزعج ومزاجه العِكِر. فالتحق بجامعة اللحام ابو عبد الحربلي الذي تخرج منها دكتور أنف أذن فك لسانات وحنجرة. ثم ما لبث أن تعرّف إلى الكومديان العالمي ألبيرتو عيتاني الذي قدّمه إلى الجمهور المولديفي الذي عَبَدَه لعشر سنوات كاملة، قبل أن ينطلق إلى العالمية ومنها إلى لبنان البلد الذي اختاره الدكتور قبرصلي كي يكون حمّامه الخاص والأخير. أجرى حتى الآن 456 عملية جراحية لتجميل فكّه السفلي من دون الوصول إلى نتيجة إيجابية تذكر، فتخصص في علم العشق والغرام والعلاقات المشبوهة».
في تناوله للمواضيع والأحداث بسخرية ناقدة، يشبه روبرتو قبرصلي عمر الزعني، شوشو وأخوت شانيه… لا يقدّم كوميديا وظيفتها فقط إضحاك الجمهور. وليس شرطاً أن تكون المادة دائماً مضحكة. يغيب قبرصلي ويعود بحسب الحاجة إلى الكلام أو التعليق على حدث أو على سلوك اجتماعي معيّن. علّق على كأس العالم ساخراً من الإعلانات والتعليق الرياضي في «بخش نظر عالمونديال 2010»، تناول ظاهرة استعمال مواقع التواصل الاجتماعي في «قبرصلي بوك» (2014). وفي زحمة المنجمّين على شاشات القنوات، قرّر قبرصلي أن يؤدي واجبه تجاه الشعب ويتوقّع بدوره أحداث المستقبل في عرض «روبرتو قبرصلي يتنبأ» لعام 2013. لم يغضّ النظر عن انتفاضات الشعوب العربية عام 2011، فأدلى بدلوه في «روبرتو قبرصلي يريد تغيير النظام» في 2012.
لا يوفّر روبرتو أحداً حين يتعرّض لسلوك اجتماعي ما، لا الفرد ولا الجماعة ولا أهل السياسة. توفر له خشبة المسرح مساحة من الحرّية أكبر من تلك التي توفرها وسائل الإعلام.
حين قرر أن «يخدش الحياء الافتراضي العام» في عرض «قبرصلي بوك»، استعرض صفحات السياسيين اللبنانيين وقصائد لـ «شعراء الفايسبوك». سخر من نشاط «المجتمع المدني» الكثيف على وسائل التواصل الاجتماعي. في «بخش نظر عالمونديال»، ذكرّته جدّية التعليق الرياضي على إحدى القنوات الرياضية العربية بأجواء الحرب، فاستطرد ليتذكر زجّ الأطفال في الحمّام في سنوات الحرب الأهلية أو خلال حرب تموز، رغم تسبب القصف في انهيار المبنى بأكمله. أتحف جمهوره بتنبؤات غريبة عجيبة في «قبرصلي بتنبأ»، أقلّ غرابة من منجمي الشاشات، وربما تكون أكثر واقعية من توقعاتهم. يمكن تلخيص خلطة روبرتو قبرصلي الفكاهية بالساخرة والناقدة في آن.
مسرح الكباريه هو الإطار الذي يتحرّك من خلاله هشام جابر في شخصية روبرتو قبرصلي. ما يزيد من ابتعاد هذا اللون الكوميدي عن الـ «ستاند أب كوميدي» الكلاسيكي. المكان والإخراج ومضمون العروض مع التركيز على موضوع واحد، يحاول قبرصلي أن يتناوله من كافة جوانبه، بالإضافة إى التفاعل مع الجمهور... كلّها خيارات تصبّ في الحفاظ على هذا الإطار. كذلك هي أغلب عروض «مترو المدينة»، المكان الذي نجح من خلاله هشام جابر وزملاؤه في استعادة فنّ الكباريه من دون أن تقتصر أعماله على الترفيه الصرف، وبالطبع من دون أن تُوجّه للنخبة وحدها دون سواها.
مسرح الكباريه هو الإطار الذي يتحرّك من خلاله هشام جابر في شخصية روبرتو قبرصلي


قبرصلي يغيب ويظهر حين يشاء. ليس هناك فارق زمني محدد بين طلّة وأخرى، إلّا في أعياد المترو وعروض «أغاني سرفيسات». قرّر في عرضه الجديد «قبرصلي إن لوف»، أن يتعاطى في شؤون العلاقات الخاصّة والعامّة، بعد ما وصفه بسلسة الطلاقات والهجر التي تهدّد أمتنا الكئيبة، وعارضاً نصائحه كطبيب اختصاصي في علم العشق والغرام والعلاقات المشبوهة، ومشاركاً تجاربه وتاريخه «الأسود»، كما ذكر في هذا المجال.
يكتفي هشام جابر بوصفه عرضه عن «الحب والعلاقات العاطفية، والاجتماعية والسياسية أيضاً... عن العلاقات في هذا البلد». يقول لـ «الأخبار» إنّ العمل يطرح إعادة رؤية عن أي نوع من العلاقات يحتاج لها هذا البلد. في مقطع الفيديو الترويجي للعرض الجديد، يشكو حبيبان بعضهما للدكتور روبرتو، فيجد الحلّ في إطلاق النار على الفتى. ما هي الحلول التي سيقترحها قبرصلي في عرضه الجديد، خاصّة أنّه وعد بتقديم تجارب حيّة على المسرح وفحص مجاني للحاضرين؟

* «روبرتو قبرصلي إن لوف»: 21:30 مساء اليوم و20 و27 آذار (مارس)ــــ «مترو المدينة» (الحمرا) ـ للاستعلام: 76309363