لوّح وزير الخارجية عبد الله بوحبيب أمام ديبلوماسيين من الفئة الثالثة بأن الاستمرار في شكوى رفعوها ضد الوزارة أمام مجلس شورى الدولة قد يؤثّر على عملية تشكيلهم التي وعدهم بأن تحصل في غضون عام. كلام بوحبيب فتح باب الأسئلة حول ملف التشكيلات وشكلها وتوقيتها. وفيما يجيب الأمين العام للخارجية السفير هاني شميطلي على استفسارات الديبلوماسيين، جازماً بأن «لا تشكيلات في الأفق»، تتردّد في أروقة الوزارة أسماء أربعة ديبلوماسيين (شيعيان ومارونيان) يُقال إنّ «تشكيلاتٍ جزئية استنسابية ستشملهم، بذريعة تعزيز بعض البعثات في الخارج». وبحسب معلومات «الأخبار»، فإنّ الديبلوماسيين الأربعة هم: مالك منصور وحمزة جمول وكوين سلامة وطنوس القبعيتي.وكانت وزارة الخارجية قد قرّرت في أيلول الماضي استدعاء حوالي 30 ديبلوماسياً من الفئة الثالثة من عددٍ من البعثات إلى الإدارة المركزية في بيروت، مقابل إيفاد العدد نفسه من الفئة نفسها للحلول مكانهم في الخارج، بهدف تخفيف الضغط المادي عن ديبلوماسيين أمضوا أربع سنوات في العمل في الإدارة المركزية، وبات يحقّ لهم، بحسب النظام الداخلي، الالتحاق بالبعثات في الخارج، ولا سيّما أن رواتبهم لم تكن تتعدّى الـ 70 دولاراً. وأعدّ شميطلي اقتراح المناقلات مع مراعاة التوزع الطائفي، ووقّعه بوحبيب، وحصل على موافقة استثنائية من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وأُحيل إلى مجلس الخدمة المدنية لإبداء الرأي، قبل أن يصبح نافذاً. غير أن الاقتراح بعودة 30 ديبلوماسياً من أصل 43 أمضوا أربع سنوات في الخارج لقي اعتراضاً من هؤلاء، بحجّة أن غبناً سيلحق بهم بعودتهم إلى الإدارة المركزية وتراجع رواتبهم، فقدّموا طعناً أمام مجلس شورى الدولة في القرار، متحصّنين بأحكام النظام الداخلي التي حدّدت مدة مهام الفئة الثالثة في الخارج بسبع سنوات.
ردّ «الشورى» طلب عدم التنفيذ، إلا أنّه لم يصدر بعد حكمه النهائي في ما إذا كان قرار «الخارجية» باستدعائهم قانونياً. وبعيداً عن المسار القضائي، تفيد مصادر معنية بأنّ بوحبيب، «أكد للديبلوماسيين في اجتماعٍ معهم في شباط الماضي أن مكوثهم في الوزارة لن يدوم لأكثر من عام». لكنّه لمّح إلى أنه «لا يمكنكم الاستمرار في شكواكم ضد الوزارة أمام مجلس شورى الدولة، والمطالبة في الوقت نفسه بإنجاز التشكيلات»، ما اعتبره الديبلوماسيون نوعاً من «الضغط» عليهم، انطلاقاً من أن لا ترابط بين الأمرين، إذ إن اعتراض الموظف على قرار إداري أمام «الشورى» حق يكفله القانون والنظام الداخلي.
لكن مصادر الوزارة تؤكد أن كلام بوحبيب كان بمثابة طلب مبادرة حسن نية من الديبلوماسيين. ولفتت إلى أنّ «الديبلوماسيين الـ 30 مضى على عودتهم إلى الوزارة 8 أشهر، فيما النظام الداخلي يسمح بالإبقاء عليهم في بيروت لمدة عامين قبل إعادة تشكيلهم، وكلام بوحبيب عن التشكيلات يعكس نيّة الوزارة السعي الى تشكيلهم قبل انقضاء العامين من باب التعويض عليهم». ولفتت إلى أنّ «الديبلوماسيين عند عودتهم إلى الإدارة المركزية يتقاضون لمدة عامين راتباً يعادل أساس الراتب الذي كانوا يتقاضونه في الخارج، وبالتالي فإن التراجع الذي يطرأ على أوضاعهم الاقتصادية صحيح، لكنهم يحافظون على مستوى جيّد مقارنة بزملاء لهم من الفئتين الأولى والثانية مرّ على وجودهم في الإدارة بين أربع وسبع سنوات، ورواتبهم لا تتعدّى بضع مئات من الدولارات».
وثمّة رأي ديبلوماسي وازن يرى أنّه «إذا كان هناك من حاجةٍ فعلية لتعزيز بعض البعثات، فمن الأجدى بالوزارة، لمزيدٍ من الإنصاف، إيفاد 13 ديبلوماسياً عوضاً عن حصر التشكيلات بأربعة فقط، مقابل استدعاء 13 ديبلوماسياً من الدفعة نفسها لم يشملهم قرار الاستدعاء الأساسي».
ومعروف أنه منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية في البلاد، تراجعت الأوضاع المادية للعاملين في القطاع العام، ومنهم العاملون في وزارة الخارجية. وبعد تعثّر العمل الوزاري والحكومي خلال السنوات الأربع الماضية، لم يحصل أن جرت التشكيلات والمناقلات بحسب ما تقتضيه الأصول، وظلّت الخلافات السياسية تطيح كل مشروع لهذه التشكيلات. وفيما تستطيع «الخارجية» إيجاد المخارج لحلحلة قضية ديبلوماسيي الفئة الثالثة، لأن قرار تشكيلهم إداري صرف، تبقى الأزمة الحقيقية مرتبطة بديبلوماسيي الفئتين الأولى والثانية الذين مرّ على وجودهم في الوزارة أكثر من أربع سنوات، وبقيت معالجة أوضاعهم متعثّرة، لأنها تتطلّب قراراً من مجلس وزراء أصيل.