منذ أن أمر جيش الاحتلال "الإسرائيلي" أهالي قطاع غزة بالتوجه جنوباً ("13 ت1)، انسحبت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) مباشرة وطوعاً إلى جنوب القطاع. أخلت الوكالة مراكزها وأوقفت خدماتها، ما حرم 70% من سكان شمال غزة من الخدمات الصحية، وفق ما ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة. كما شكل تماهياً تاماً مع المخطط "الإسرائيلي" للتهجير.ورغم ذلك، فهذا لم يحسّن من ظروف النزوح في جنوب قطاع غزة، فَملاجئ الأونروا تضمّ نحو 600 ألف نازح، بنسبة تفوق قدرتها الاستيعابية بـ 9 مرّات، وفي مراكزها هناك مرحاض واحد لكل 160 نازحاً، ووحدة استحمام واحدة لكل 700 نازح. 
في هذا السياق، أصدرت وكالة الأونروا إشارة بإخلاء خمس مدارس في القطاع تؤوي آلاف النازحين بحجة أن المدارس في خطر وأنّها لا تستطيع حمايتها. 
أما على صعيد المساعدات الإنسانية الشحيحة التي دخلت القطاع والتي أناطت الأمم المتحدة الأونروا بتوزيعها، فقد لفت رئيس مكتب الإعلام الحكومي سلامة معروف إلى أن الوكالة احتجزت المساعدات وقامت بتأخير دخول الشاحنات الى القطاع (تصريح في 31 ت1 2023). وذكر مكتب الإعلام الحكومي في غزة، في السابع من الشهر الجاري، أن الأونروا تقدم المساعدات للمدارس التي تشرف عليها فقط، دون أن تقدم مساعدات للنازحين خارج مدارسها.
طبياً أيضاً، أعلن المدير العام للمستشفيات في غزة محمد زقوت، في تصريح صحافي أن الأونروا ومنظمة الصحة العالمية "اعتذرتا عن عدم تقديم أي شيء في مدينة غزة ومنطقة الشمال". بدوره أشار المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، إلى أن الأونروا تركت ذوي الأمراض المزمنة دون متابعة أو علاج، "كما أنها أدارت ظهرها لسكان القطاع عموماً وتركت الأطفال دون تطعيم". 
ترد شهادات متواصلة من الأهالي حول تجاهل الصليب الأحمر مناشدات الناس تحت الأنقاض والمصابين داخل البيوت المستهدفة


الاتهامات بالتواطؤ لاحقت كذلك الصليب الأحمر الدولي، حيث شدد رئيس قسم الحروق في مستشفى الشفاء د. أحمد المخللاتي، على أن الصليب الأحمر لم يقدّم أيّ خدمات على مستوى تأمين المستشفيات أو تفريغ المرضى أو حماية المؤسسات الصحية، قائلاً: "الصليب الأحمر جزء من التواطؤ الذي يحصل بين الاحتلال والمؤسسات الدولية" (15 تشرين الأول 2023). 
وكشف مدير المركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبدو في تصريح على قناة "الجزيرة"، أن الصليب الأحمر "لديه مولدات كهربائية في مخازنه، لكنه رفض إيصالها إلى مستشفى الشفاء والمستشفيات الأخرى، ويرفض تعزيز أفراده".
من جهته، حمّل الناطق باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، المنظمة مسؤولية عدم حماية طواقمه من القصف "الإسرائيلي". في غضون ذلك، ترد شهادات متواصلة من الأهالي حول تجاهل الصليب الأحمر مناشدات الناس تحت الأنقاض والمصابين داخل البيوت المستهدفة والشوارع في مدينة غزة والشمال.

تجهيل المرتكب
منذ بداية الحرب "الإسرائيلية" العدوانية على القطاع، استشهد 101 موظف في الأونروا، وتضررت أكثر من 60 منشأة، وتعرّض ما لا يقلّ عن 70 في المئة من مرافقها وسط وجنوب القطاع للقصف، كما أن طواقم الصليب الأحمر لم تكن بمنأى عن المخاطر والتهديدات الأمنية. وبالرغم من ذلك، وعلى نسق الإعلام الغربي، تعمد المنظمتان في الأغلبية الساحقة من بياناتهما وتصريحاتهما الإعلامية إلى عدم إدانة الاحتلال بشكل مباشر وتجنّب ذكر الجهة التي قصفتهما.