تقاسم المستعمرون الفرنسيون والبريطانيون بلاد الشام عام 1920 وفق اتفاقية سان - ريمو، ونتيجة لاتفاق ترسيم الحدود المبرم بين بريطانيا وفرنسا عام 1923 (اتفاق بوليه - نيوكومب)، أُلحقت 7 قرى لبنانية حدودية بفلسطين التي كانت واقعة حينها تحت الانتداب البريطاني. وفي عام 1948 مُنيت هذه القرى بما مُنيت به القرى الفلسطينية من تهجير وتطهير عرقي. اليوم، في 2023، عقب المواجهات الحدودية الأخيرة بين المقاومة الإسلامية في لبنان وجيش العدو الإسرائيلي، وبعد القرارات «الإسرائيلية» الأخيرة بإخلاء العديد من المستعمرات الشمالية، ترد أسماء مستوطنات ومواقع عسكرية بنُيت على أنقاض هذه القرى السبع ومنها:

1- مستوطنة «مرغليوت»: قرية هونين اللبنانية المحتلّة
- تقع مستوطنة «مرغليوت» على أراضي قرية هونين المحتلة (قضاء صفد) وقد اتخذت اسمها نسبة لـ«حائييم مارغاليوت كالفاريسكي» الصهيوني الذي عمل جاهداً في استعمار الجليل.
- تقع في الطرف الجنوبي الشرقي من جبل عامل، وتحدّها من الشمال مستعمرة «مسكاف عام» والعديسة وكفركلا، ومن الجنوب المنارة (فلسطينية) وميس الجبل. أما من الشرق، فتشترك في الحدود مع الخالصة والتخشيبة وطلحة، ومن الغرب حولا ومركبا ورب ثلاثين.
- تبلغ مساحة هونين حوالي 12.840 كيلومتراً مربّعاً. وإذا أضفنا إليها الأراضي التي تتداخل مع أراضي القرى الحدودية المجاورة، تصبح مساحتها حوالي 15.740 كيلومتراً مربّعاً.
- بعد تحرير الأراضي اللبنانية عام 2000، جرت عملية ترسيم الخط الأزرق التي أفضت بإصرار فريق الجيش اللبناني حينها إلى استعادة مئات الدونمات من أرض هونين المحتلة.

قلعة هونين (من الويب)

- احتلت هونين كمعظم قرى تلك الناحية من الجليل الشرقي، في سياق عملية «يفتاح» التي نُفذت في نيسان/أبريل - أيار/مايو 1948 لاحتلال الجليل الشرقي قبل نهاية الانتداب البريطاني في 15 أيار وتطهيرها من سكّانها.
- أثناء معارك النكبة، نقل بعض أهالي القرى المجاورة لهونين كالخالصة (المُقامة على أراضيها مستعمرة كريات شمونا)، الأطفال والنساء ليتحصّنوا في قلعتها الصليبية كاستل نوف (Castel Neuf) إلى أن سقطت في الأسبوع الثاني من أيار 1948.
- لا تزال المقبرة والمدرسة الابتدائية والقلعة الصليبية ماثلة للعيان، أما القلعة فباتت موقعاً أثرياً يجتذب «السياح»، ويستعمل المستوطنون المدرسة مستودعاً زراعياً، أما الأراضي المجاورة فيستغلها المزارعون «الإسرائيليون».
- أنشئت مستعمرة «مسكاف عام» سنة 1945 في الشطر الشمالي من أراضي القرية، وأنشأ المهاجرون اليهود من العراق واليمن مستعمرة «مرغليوت» على أراضي القرية سنة 1951، جنوبي موقع القرية مباشرة.

2- مستوطنة «ييرون» و«أفيفيم»: قرية صلحا اللبنانية المحتلّة
- أُنشئت مستعمرة «أفيفيم» شمالي شرق قرية صلحا عام 1960.
- تقع في الطرف الجنوبي لمدينة بنت جبيل، وتحدها من الشمال مارون الرأس، ومن الشرق عيترون، ومن الغرب يارون، وتبلغ مساحتها نحو 10 كيلومترات مربّعة وتطلّ على سهل الحولة.
- شهدت القرية مجزرة أودت بحياة 105 من سكّانها، على يد اللواء شيفع (السابع) وفق ما يذكر المؤرخ فايز حسن الريس وقد جرى توثيق الشهداء بالاسم. كما يتحدّث «المؤرخ الإسرائيلي» بيني موريس في كتابه «تصحيح خطأ: يهود وعرب في أرض إسرائيل 1936-1956»، أنه «بعد استسلام صلحا نُفّذت فيها مجزرة بحيث جمع فيها حوالي 94 رجلاً وامرأة في منزل واحد ونُسف فوق رؤوسهم فقتلوا جميعاً، كما انتُزعت أقراط النساء الذهبية مع شحمة الأذن».
- المعلم الوحيد الباقي فيها هو بناء طويل (ربما كان مدرسة) ذو نوافذ كثيرة عالية. أما الموقع نفسه فبات أرضاً مستوية، محروثة في معظمها. وقد غرس المزارعون «الإسرائيليون» شجر التفاح في معظم الأراضي المجاورة.
- سنة 1949، أسست إسرائيل مستعمرة يرؤون/ييرون في موقع القرية أمام «يارون» اللبنانية. وفي سنة 1960، أُنشئت مستعمرة «أفيفيم» على أراضي القرية، شمالي شرق موقعها.

3- مستوطنة «ماليكاه»: قرية المالكية اللبنانية المحتلّة
- أقيمت مستوطنة «ماليكاه» على أراضي قرية المالكية التي تقع في الطرف الجنوبي الشرقي لجبل عامل، وهي محاذية لمارون الراس من جهة الغرب. تحدّها من الشمال قرية بليدا، ومن الجنوب صلحا، ومن الشرق قَدَس وعيترون من الغرب. تبلغ المساحة الفعلية للقرية 7 كيلومترات.
- يشير المؤرخون إلى أنه من الجائز أن تكون المالكية قد بُنيت في موقع قرية كفرغون (Caphargun) البيزنطية.
- اشتهرت بسلسلة معارك المالكية بين جيش الإنقاذ والجيش اللبناني وقوات «البلماخ».
- من شهداء معركة المالكية، الشهيد الملازم الأول محمد زغيب الذي استشهد في 13 أيار 1948.
- مُسحت القرية وأُخرج منها سكّانها. وفي عام 1949، تأسست مستعمرة «ماليكاه» على أنقاضها، وهي اليوم منطقة عسكرية مسيَّجة يُحظر دخولها.





4- مستوطنة «يوشاف يوفال»: قرية ابل القمح اللبنانية المحتلّة
- تجثم مستوطنة «يوشاف يوفال» على أراضي قرية ابل القمح.
- تقع البلدة التي تبعد نحو كيلومتر واحد عن الحدود اللبنانية، في الطرف الجنوبي الشرقي من جبل عامل. تحدّها من الشمال بلدة الخيام، ومن الغرب سهل مرجعيون ومن الشرق مجرى الحاصباني وجنوباً مستعمرة «كفار جلعادي» وبلدة الزوق الفوقاني.
- تقدّر مساحتها بحوالي 17 كيلومتراً مربّعاً، معظمها في الأراضي اللبنانية اليوم (نحو 10 كيلومترات مربّعة). يحيط القرية سهل أرضه خصبة ومياهه وفيرة كانت تنتفع منها حقول القمح المحيطة بموقع القرية والمشهورة بتربتها الخصبة.
- زعم تقرير للاستخبارات «الإسرائيلية»، صدر في أواخر حزيران/يونيو 1948، أن القرية أُخليت من سكّانها في 10 أيار/مايو 1948. وقد نيطت مهمة احتلال الجليل الشرقي في هذه الفترة بقوات صهيونية متعددة، ولا سيّما الكتيبة الأولى التابعة للبلماخ، في نطاق عملية «يفتاح».
- سنة 1952، أنشأ الاحتلال مستعمرة يوفال على أراضي القرية. أما اليوم فتغلب الحشائش والنباتات البرية على موقع القرية، وينتصب بستان من الشجر في الركن الشمالي الشرقي من الموقع الذي تتناثر في أرجائه حجارة المنازل المدمَّرة، وتُستعمل الأراضي المحيطة مرعى للمواشي.

5- مستعمرة «رموت نفتالي»: قرية النبي يوشع اللبنانية المحتلّة
تقع مستعمرة رموت نفتالي الزراعية، التي أُسّست سنة 1945على أراضي قرية النبي يوشع، جنوبي موقعها. وهي قريبة من الحدود بين النبي يوشع وأراضي ملاحة العربية.
- تبلغ مساحة النبي يوشع حوالي 3 كيلومترات فقط، منها كيلومتر واحد يصلح للزراعة. تحدّها قرية قدَس من الشمال والجنوب والغرب، وتحيط بها بليدا مع قَدَس من الشمال أيضاً، وتطلّ على حولا من ناحية الشرق.
- تشتهر القرية بمقام النبي يوشع ومسجدها الذي يعدّ تحفة معمارية تطل على سهل الحولة.
- اختارها الانتداب البريطاني لبناء مركز شرطة هناك. انسحب البريطانيون من المركز في 15 نيسان 1948، ليستقر به جيش الإنقاذ وقد حاولت قوات البلماخ السيطرة عليه مراراً وفشلت مرات عدّة ما أدى إلى مقتل 22 فرداً من قوّاتها. في منتصف أيار/مايو 1948 هاجمت الطائرات الإسرائيلية القرية وقصفتها بالقنابل الحارقة بينما شقّت الوحدات البرية طريقها مخترقة الأسلاك الشائكة، ومجبرة المدافعين على الانسحاب، فسقطت القرية في 16 أيار.
- يصعب الموصول إلى الموقع اليوم بسبب تسييجه بالأسلاك الشائكة وبسبب الأنقاض. لكن بقيت بعض معالم القرية بادية للعيان كبقايا المنازل، وأضرحة في مقبرة القرية. أما مقام النبي يوشع فقد سلمت من العطب قُبّتاه، والمدخل المقنطر المفضي إلى القسم الرئيسي منه، إلّا إن الحيطان الحجرية للغرف الملحقة به متصدِّعة، ومجمع المباني كله مهمل وتنمو النباتات البرية من السقف، وتحيط أشجار التين ونبات الصبّار بموقع القرية. أمّا الأراضي المستوية المحيطة بالموقع، فيستعملها المزارعون «الإسرائيليون» لزراعة التفاح، بينما باتت الأجزاء المنحدرة مرعى للمواشي أو غابات.

6- مستعمرة «يفتاح»: قرية قَدَس اللبنانية المحتلّة
- أنشئت مستعمرة يفتاح سنة 1948 على أراضي قرية قَدَس إلى شمالي شرق موقعها، وفي منتصف قريتيّ النبي يوشع والمالكية.
- تقع قدَس في الطرف الجنوبي الشرقي من جبل عامل. تحدّها من الشمال بليدا، ومن الجنوب قرية ديشوم الفلسطينية، ومن الشرق النبي يوشع، ومن الغرب المالكية وعيترون. يجيط بالبلدة واديان على الجانبين الشرقي والغربي، هما وادي جهنم ووادي عروس.
- تبلغ مساحة قدَس وسهولها حوالي 12 كيلومتراً. أما مساحة السهل، فتُقدر بحوالي 8 كيلومترات، إذ ترتفع القرية حوالي 100 متر فوق السهل. وتتميز بآثارها الرومانية والبيزنطية.
- بعد احتلالها عام 1948، تمكن جيش الإنقاذ والجيش اللبناني من استردادها، وبقيت مع العرب بين فترة الهدنتين الأولى والثانية إلى أن سقطت مجدداً بعد معركة المالكية.
- في حزيران 1948، طلب كيبوتس «منارا» قطعة أرض من قرية قدَس الجديدة المهجورة، لأنها كانت «مناسبة لزراعة المحاصيل الشتوية» لكن رغبته لم تلبّ. وتستخدم المستوطنات المجاورة أيضاً، مثل «ماليكاه» و«رموت نفتالي» أراضي القرية
شهدت قرية صلحا مجزرة أودت بحياة 105 من سكّانها على يد اللواء شيفع وجرى توثيق الشهداء بالاسم


7- مستوطنة «شومرا»: قرية تربيخا اللبنانية المحتلّة
- تقع تربيخا في الطرف الجنوبي الغربي من جبل عامل، وهي قرية على الساحل اللبناني. تحدّها رميش وعيتا الشعب من الجهة الشرقية، ويارين ومروحين وراميا من الشمال. تُقدر مساحتها بحوالي 35 كيلومتراً مربّعاً، منها 24 كيلومتراً مربّعاً يُستغل للزراعة. ويرجع اسمها لوجودها تاريخياً في موقع تايربيكا (Tayerebika) الصليبي.
- بعد الانتهاء من عملية حيرام التي شنّها جيش الاحتلال الإسرائيلي في نهاية تشرين الأول/أكتوبر 1948، اندفعت الوحدات الإسرائيلية نحو عدد من القرى قرب الحدود اللبنانية، وطردت سكّانها. وكانت تربيخا من أوائل القرى التي سقطت.
- يقول «المؤرخ الإسرائيلي» بيني موريس ان المستوطنين استوطنوا القرية في 27 أيار/مايو 1949 وأطلقوا عليها اسم شومرا. وتقع مستعمرة «إيفن مناحم» بالقرب من موقع القرية، كما أن مستعمرتي «كفار روزنفالد»، و«شتولا»، تقعان على أراضي القرية.
- يحتل سكان «موشاف شومرا» اليوم نحو عشرين منزلاً من منازل القرية، وفق موريس. وقد رُمِّمت بعض السقوف، وأعيد تصميمها على شكل مثلث، وتزيّن حجارة من المنازل الأصلية سقف الملجأ المركزي.

* من كلمات «زهرة المدائن» للأخوين رحباني



البلماخ
القوة الضاربة المتحركة التابعة لعصابة الهاغاناه الصهيونية، لعبت دوراً مهماً في إقامة الكيان «الإسرائيلي»، أدمجها بن غوريون ضمن قوات جيش العدو «الإسرائيلي».


عملية يفتاح
عملية عسكرية شنّتها قوات البلماخ بين أواسط نيسان/أبريل وأواخر أيار/مايو 1948، للاستيلاء على الجليل الشرقي قبل نهاية الانتداب البريطاني في 15 أيار، ونجحت البلماخ في احتلال المنطقة كلها و«تطهيرها» من سكانها. أمّا سكان الجليل الشرقي، الذين لم يهربوا رغم الهجمات والتهديدات، فطُردوا عقب احتلال قراهم.