الزيادة على رواتب أساتذة القطاع الرسمي لا تلوح في الأفق، وكذلك الحوافز الموعودة (130 دولاراً) من وزارة التربية، أما بدلات النقل فقد طلبت وزارة المالية من وزارة التربية عدم إرسال جداولها هذا الشهر بسبب عدم توفر الاعتمادات. سيكون على الأساتذة في القطاع الرسمي الاكتفاء براتبهم، الذي لا يتجاوز في أحسن الأحوال الثلاثة ملايين ليرة لكلّ منهم، للوصول إلى المدرسة يومياً، ودفع مستحقاتهم الشهرية التي يتجاوز كلّ واحد منها قيمة الراتب بأكمله. أما الطريقة الوحيدة لدفعهم للاستمرار فهي الوعود بدفع متأخرات... تتأخر، من أنصاف رواتب (مساعدات اجتماعية) عن أشهر مضت، وبدلات نقل تعود لبداية عام 2022.
شعور بالانكسار
هذه هي صورة "العودة الميمونة، التي جرّت الرابطة أساتذتها جرّاً إليها، ورفضت إعادة فرز الأصوات كي تتستر على حقيقة أنّ ما يناهز الـ80% من أساتذة لبنان رفضوا توصياتها" يقول أستاذ نقابي.
عاد الأساتذة إلى التعليم يسيطر عليهم شعور بالانكسار. "نحن لا نريد الإضراب الأبدي، والهيئة الإدارية في رابطة التعليم الثانوي ليست حريصة على التعليم أكثر منّا" يقول أحد الأساتذة. لكن "ما يفعلونه سيودي بالتعليم الثانوي الرسمي إلى الهاوية. لا يمكن تصحيح هذا الخطأ أبداً، لقد أنهوا الحياة الديموقراطية وتفرّدوا بالقرار". هذا هو الجو العام لدى الأساتذة، حتى من يؤيد منهم العودة. يقول أحدهم: "لقد قبلت بالتعليم والعودة والانتظار، ولكن لم أتخيّل أن يصل الأمر إلى قلب النتائج". ترى الغالبية، ومنهم أعضاء في الهيئة الإدارية لرابطة التعليم الثانوي أنها "تحوّلت إلى ما يشبه الحاكم بأمره، خارج أيّ محاسبة"، خصوصاً بعد الذي حصل إثر التصويت في الجمعيات العمومية يوم الأربعاء الواقع فيه 5 تشرين الأول، على قرار العودة إلى التعليم، وما رافق صدور النتائج في اليوم التالي من أخد وردّ، والعودة إلى التعليم في الـ11 من الشهر نفسه.

الفرز ممنوع
منذ ذلك التاريخ، تتوالى استقالات المندوبين من الرابطة رفضاً لما يسمّونه "تزوير نتائج الجمعيات العمومية". وفيما كان يفترض أن تجري يوم السّبت الماضي "عملية إعادة فرز للأصوات" بدعوة من أمين سرّ رابطة التعليم الثانوي حيدر خليفة، وحضور ممثلين عن الفروع في المناطق، إلا أنّ أحداً لم يحضر باستثناء ممثلي فرع بعبدا فقط، وبالتالي لم تحصل عملية إعادة الفرز.
أما سبب عدم الحضور فهو تغيّر عنوان الدعوة التي وجّهها خليفة، من "إعادة فرز الأصوات" كما طالب الأساتذة المعترضون مهدّدين بإصدار بيان مضادّ للهيئة الإدارية إن لم تجرِ العملية بعد 24 إلى 48 ساعة من صدور النتائج، إلى "عرض للنماذج الملغاة من المحاضر". وكان سبق لخليفة أن دعا إلى "عرض النتائج التفصيلية"، ثم أجّل الأمر أسبوعاً، ما أدخل الأساتذة "تحت الأمر الواقع، بالعودة إلى الثانويات" وفق علي الطفيلي، مقرّر فرع بعلبك الهرمل. لذا، فهِمَ المعترضون أنّ المبتغى من الدعوة الأخيرة (عرض النتائج التفصيلية) "إعطاء درس حول كيفية التصويت" فرفضوا الحضور، باستثناء مندوب عن فرع جبل لبنان عاد وانسحب لاحقاً، كي لا يكون وحده. يشير الطفيلي إلى أن "حضورنا كان سيكون بمثابة صك براءة للهيئة الإدارية"، كما أنّ عدم حضورهم استُخدم كـ"شهادة بشفافية الفرز، لذلك طالبنا بإعادة فرز الأصوات وعدّها، والكفّ عن التلاعب بالعبارات". كما أكّد الطفيلي "حصول ضغط على بعض الفروع لعدم المراجعة"، ما يؤكده أساتذة من الجنوب، نافين بشكل قاطع أن يكون الجنوب قد صوّت عكس بقية المناطق.

الرابطة: الأساتذة لم يشاركوا
"نعم، أعطينا مواعيد للاطّلاع على آلية احتساب الأصوات، وإعادة الفرز أيضاً، لو تطلب منّا الأمر البقاء حتى صباح اليوم التالي"، يقول أمين سرّ رابطة التعليم الثانوي حيدر خليفة، و"لكنّهم لم يأتوا، وفضّلوا الهروب". ويضيف خليفة: "لم يشارك الـ7 آلاف أستاذ في التصويت، لم تتعدّ نسبة المشاركة الـ55%، أي أقلّ من 4 آلاف صوت، وكانت النتيجة بالأرقام على الشكل التالي: حوالي 1600 صوت مع تفويض الرابطة، 1400 صوت ضد التفويض، فيما امتنع ما يقارب الـ500".
تغيّرت الدعوة من إعادة فرز الأصوات إلى عرض النتائج التفصيلية فقاطعها المعترضون


وبالنسبة إلى المحاضر الملغاة، "تمّ إلغاء 53 محضراً، 6 منها نتيجتها مع التفويض"، وذلك لعدة أسباب، منها "غيّرت أو أضافت توصيات، وهذا مخالف للنظام الداخلي. مثلاً، هناك ثانويات صوّتت للاستمرار في الإضراب المفتوح، ونحن في تعليق للأعمال الإدارية وليس في إضراب، وهناك من صوّت على عدم العودة إلا مع دولرة الراتب وهذا يحتاج إلى تعديل قوانين في مجلس النواب. كما تمّ إلغاء أصوات مكرّرة لأساتذة صوّتوا في أكثر من مركز، ولآخرين لا يحق لهم التصويت لأنهم في الاستيداع"، أو صوّتوا عبر الهاتف". أما من يطلبون طرح الثقة بالهيئة الإدارية، فيدعوهم خليفة إلى "جمع ثلثي المندوبين، والطلب من الهيئة الإدارية عقد مجلس حضوري". وأبدى استغرابه لتصويت ثانويات على "عدم التفويض" يوم الأربعاء، بينما "قامت بفتح أبوابها للتدريس قبل ذلك بأيام، ولم تنتظر بيان الرابطة".
أخيراً يرى خليفة "استحالة صرف الحوافز من وزارة التربية هذا الشهر"، وفق ما تبلّغه من وزير التربية، الذي طلب مهلة حتى تشرين الثاني لتُصرف الحوافز عن شهرين. في ما يتعلق بالموازنة "نحن بانتظار توقيع رئيس الجمهورية، وقد تبلّغنا من دوائر القصر أن لا توجه لردّها"، وفي حال الإخلال بالوعود "لن نتوجه للإضراب المفتوح، بل لتقليص الدوام أسوةً بموظفي الإدارة العامة، وليكن حضورنا في الثانويات على قدر راتبنا".