من المنتظر أن يبدأ مزارعو التبغ، الأسبوع المقبل، بتسليم محصولهم لهذا العام للريجي. بالتزامن، تنشط نقابة مزارعي التبغ بجولات تحفيزية للتشجيع على زراعة التبغ للموسم المقبل بعد اعتكاف عدد كبير من المزارعين لهذا الموسم. أبرز عوامل التحفيز لإعادة تنشيط دورة «الدخان» بإعلان «الريجي» أنها ستسعّر التبغ الذي تشتريه من المزارعين بالدولار.رئيس تجمع مزارعي التبغ خليل ذيب أوضح أن «حوالي 30 في المئة فقط من مزارعي التبغ في الجنوب زرعوا حقولهم في الموسم المنتهي بسبب ارتفاع تكاليف الزراعة بدولار السوق السوداء في وقت كانت الريجي تشتري بالسعر الرسمي (1500 ليرة للدولار)». ورغم أن إدارة حصر التبغ والتنباك المكلفة حصراً شراء إنتاج التبغ اللبناني رفعت التسعيرة التي تشتري بها من المزارع تدريجاً من 13 ألف ليرة إلى 40 ألفاً العام الماضي، إلا أنها لم تواكب الارتفاع المطرد في أسعار المبيدات والشتول وتكاليف الحراثة والري والنقل وأجور العمال. «وحتى تسعيرة الـ 40 ألفاً التي اعتمدت العام الماضي، لم تساو شيئاً لأن سعر صرف الدولار كان 30 ألفاً» وفق ما أكد ذيب لـ«الأخبار».
لذلك، فضّل عدد كبير من المزارعين التوقف عن زراعة التبغ. وفي إحصاء أجراه ذيب للبلدات الأكثر إنتاجاً على مستوى الجنوب، في قضاء بنت جبيل، تبين أن 690 صاحب رخصة من أصل 940 في عيترون توقفوا عن الزراعة الموسم الماضي في مقابل 900 من أصل 1200 في رميش. الكثير من المزارعين الكبار اكتفوا بزراعة جزء من أراضيهم. وأكد ذيب أنه هو نفسه زرع دونماً من أصل أربعة دونمات، فيما تحول عدد لا بأس به إلى زراعات أكثر ربحاً كالسمسم والزعتر والخضروات والقمح والشعير والعدس. هذا التحول غير المسبوق أدى، وفق ذيب، إلى تقليص كمية التبغ والتنباك التي ستتسلمها «الريجي» من المزارعين هذا العام إلى «700 طن على الأكثر بعدما كانت تتسلم سبعة آلاف طن كحد أدنى».
لكن لـ«الريجي» اعتبارات أخرى للتسعير بالدولار. المدير العام لإدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية ناصيف سقلاوي أوضح لـ«الأخبار» أن المصلحة وضعت آلية جديدة لتسديد مستحقات المزارعين. إذ «كنا نؤمن سيولة تقدر بحوالي 270 مليار ليرة لبنانية نودعها في مصرف لبنان ليحولها بدوره إلى المصارف التي نتعامل معها لتدفعها بدورها إلى المزارعين بموجب شيكات صادرة عن المؤسسة. لكن بعد الأزمة الاقتصادية، بدأت المصارف بابتلاع تلك المبالغ السائلة وتستخدمها في تعاملاتها الخاصة. وبدلاً من أن تدفع مستحقات المزارعين دفعة واحدة كما هي العادة، صارت تدفعها بالتقسيط المريح!».
ولضمان حصول المزارعين على أموالهم في موعدها، عقدت المؤسسة اتفاقيات تعاون مع شركتي تحويل الأموال OMT وBOB لدفع مستحقات المزارعين عبرها بدءاً من هذا الموسم، بالدولار الطازج ودفعة واحدة بموجب جداول اسمية ترسلها «الريجي».
سقلاوي أكد أحقية «تقريش» التبغ والتنباك بالدولار من الآن وصاعداً نظراً إلى ارتباط كل عناصر الزراعة به. لكنه لم يحدد التسعيرة المعتمدة «لأنها لا تزال في طور النقاش». وللغاية، طلب من رؤساء البلديات التعاون في تحديد السعر المناسب بناء على إجراء دراسة عن الكلفة التي يتكبدها كل مزارع تبغ في نطاقها بحسب حجم زراعته. أما بالنسبة إلى المزارعين، فيؤكد ذيب «أننا لا نريد سوى احتساب التسعيرة بالليرة اللبنانية التي كانت تدفع حتى العام 2019، على سعر صرف الدولار». علماً أن آخر تسعيرة قبل انهيار الليرة كانت 13 ألف ليرة للكيلو كمعدل وسطي، أي ما يعادل 8 دولارات ونصف دولار.