ما سبق ليس خاتمة الموبقات المرتكبة بحقّ رفع السرية المصرفية، بل واحدة من تعديلات عدة أنزلت على القانون وتم تحويرها بخلاف مطالب رئيس الجمهورية وصندوق النقد. هذه الحماية لـ«المرتكبين» تكرّست بذريعة «الحفاظ على خصوصية الداتا الخاصة بالمواطنين» رغم أن غايتها حماية «خصوصية» أصحاب رؤوس المال. هكذا، حُصر المفعول الرجعي بالموظفين العامين والمرشحين للانتخابات النيابية والبلدية والاختيارية ورؤساء الجمعيات، ولم يُذكَر أصحاب المصارف والمديرين العامين ورؤساء الأحزاب. وانسحب الأمر نفسه على طلب كل من عون والصندوق منح الجهات القضائية صلاحية طلب المعلومات مباشرة من المصارف من دون المرور بهيئة التحقيق الخاصة التي يرأسها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، إذ قفزت لجنة المال والموازنة فوق هذه الملاحظة، لا بل منحت هيئة التحقيق امتيازاً إضافياً بحصر كل صلاحيات رفع السرية عبرها، متجاهلة طلب الصندوق وعون ونائب رئيس الحكومة سعادة الشامي أيضاً، منح لجنة الرقابة على المصارف والمؤسّسة الوطنية لضمان الودائع ومصرف لبنان هذه الصلاحية. فعمدت اللجنة إلى التحايل على هذا المطلب عبر الإتاحة لهذه الجهات بالوصول إلى المعلومات في إطار إعادة هيكلة المصارف فقط.
ما جرى تضمينه في لجنة المال والموازنة من تعديلات لا يأخذ في الاعتبار ملاحظات رئيس الجمهورية
في المحصلة، ستسلك التعديلات على قانون السرية المصرفية طريقها إلى الجلسة التشريعية اليوم، حيث من المتوقع تصديقها في ظل غياب أي صوت لنواب التغيير أو غيرهم ممن يبدون اعتراضهم على أداء رئيس اللجنة في الكواليس فقط. الأنكى من ذلك كله، أن النقاش في لجنة المال والموازنة حول التعديلات حصل بعد اتصالات عدة بين كنعان وصندوق النقد كما نقل النواب عنه، وعبر الإشارة إلى أن ملاحظات عون غير دقيقة ولا تمثّل الواقع اللبناني بل نُسخت حرفياً من تقرير صندوق النقد. إلا أن الثابت أن المصارف ومجالس إدارتها ومدرائها العامين وشركائها وكل من يدور في فلكها عادت لتتحكم مجدداً بمسار «الإصلاحات» وتنسجها بدقة وحرص في ما يسمى «مقبرة القوانين». والثابت أيضاً أن الصيغة الأخيرة من التعديلات على قانون السرية المصرفية لن تكون أفضل من التعديلات والقوانين التي أدرجت في الموازنة أو خصصت لرفع الاحتكارات أو التي يتم تحضيرها للكابيتال كونترول ولإعادة هيكلة المصارف.