أسفرت حملة المداهمات التي قام بها جهاز أمن الدولة في الضاحية الجنوبية لبيروت عن تسطير 42 محضراً بحق أصحاب المولّدات، لا تقلّ قيمة كلّ واحد منها عن 200 مليون ليرة. تأتي هذه الحملة بعدما تقدّم اتحاد بلديات المنطقة بمجموعة شكاوى أمام النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان غادة عون ضدّ أصحاب المولّدات بسبب ارتكابهم مجموعة من المخالفات، ومنها عدم الالتزام بالتسعيرة الرسمية، إذ حدّدتها وزارة الاقتصاد بـ13.555 ألف ليرة عن سعر الكيلوواط، في حين يصل في بعض الأحياء إلى 18 ألفاً ويتجاوزها. لم ينتظر الاتحاد مطلع الشهر المقبل لإطلاق حملة المداهمات باتجاه المخالفين من أصحاب المولّدات في نطاقه البلدي. صحيح أن المخالفات قديمة العهد، تعود إلى عام 2014 مع بدء وزارة الاقتصاد فرض تسعيرة رسمية، إلا أنّ الناس لم تكن تعير التسعيرة «المتوحشة» أهمية قبل انفجار الأزمة المالية عام 2019. بدل الاشتراك سابقاً، ولو كان مبالغاً فيه، لم يكن يتجاوز الـ100 ألف ليرة، بينما قيمة الحدّ الأدنى للأجور تبلغ 675 ألف ليرة، أي ما نسبته 15%. أمّا اليوم، فتتخطى قيمة بدل الاشتراك راتب موظف في القطاع العام. بالنسبة إلى أصحاب المولّدات الأمر يتعلق بالأرباح، ولا شيء غيرها. يقول أحدهم لمشترك: «أرباحي كانت 50 ألف دولار قبل الأزمة وستبقى كذلك». حاول البعض التعويل على الأخلاقيات لضبط التفلّت، فامتدّت التجربة على أكثر من ثماني سنوات، لم يلتزم خلالها أصحاب المولّدات بالتسعيرة، وتم التوصّل إلى قناعة مفادها: إنفاذ القانون على الجميع هو الضمانة.

انطلاق المداهمات
يجد اتحاد بلديات الضاحية في إطلاق يد القضاء أحد الحلول القادرة على تغيير قواعد اللعبة. «لا أحد يريد كسر أصحاب المولدات نهائياً وإخراجهم من السّاحة سيّما مع الوضع الكارثي لشركة كهرباء لبنان» تفيد مصادر الاتحاد، ولكن «استباقاً لانفجار شعبي، تداعياته السّلبية ستطال كلّ الضاحية، كان التحرّك».
بدأت المداهمات منذ حوالى الأسبوع بعد التنسيق مع مدّعي عام جبل لبنان، والخروج من دوامة الانتظار المملّ لعمل مراقبي وزارة الاقتصاد، فكانت الإشارة لجهاز أمن الدولة بالتحرك. دورياته تتحرك مباشرة ولا تنتظر وصول مراقب عند معرفتها بوجود مخالفة وهي ستستمرّ بالعمل بشكل دوري ودائم، و«لن يكون مصير الحملة الحالية النسيان وأدراج المكاتب بعد فترة من الزمن كالحملات السّابقة» بحسب مصادر الاتحاد. واليوم التركيز منصبّ على «المخالفات الكبيرة والفاقعة، كتسعير الكيلوواط بـ18 ألف ليرة، أو استيفاء تأمين بالعملة الأجنبية» بحسب مسؤول ملف الطاقة في الاتحاد علي سليم. حتى الآن «تم تسطير 42 محضراً، قيمة كلّ واحد لا تقل عن 200 مليون ليرة» يؤكّد سليم.
وصلت قيمة المحضر إلى 200 مليون ليرة ودفع الغرامة لا يزيل الإشارة من السجل العدلي لصاحب المولّد


أما قيمة الغرامات العالية فيردّها محامي الاتحاد عباس الغول إلى «استناد القضاء إلى قانون حماية المستهلك، فهذه النصوص تجيز الوصول بالغرامات حتى 300 مليون ليرة». ويذكر أنّ النقطة الرادعة في ما يجري اليوم على الأرض هي «تطبيق الأصول الجزائية على المخالفين من أصحاب المولدات»، ما يجعل المخالف ملاحقاً أمام القضاء واسمه معمّماً لدى المخافر للقبض عليه، كما لدى الأمن العام لمنعه من السّفر. ويشير الغول أخيراً إلى أنّ «قيام صاحب المولد المخالف بدفع الغرامة لن يزيل الإشارة من سجله العدلي».

لو قطعوا الكهرباء؟
وفي حال قرّر أصحاب المولدات الانتقام من الناس وإطفاء الاشتراكات، فسيتوجه اتحاد البلديات «لإلزامهم بفكّ المولد مع كلّ توابعه من كابلات، وعلب، وإلزامهم دفع بدلات استخدام الأملاك العامة عن السّنوات الماضية كلّها من أعمدة، وطرقات، وهواء عام. ومن ثمّ سيصار للطلب من الراغبين الدخول إلى تركيب مولدات جديدة بشرط واحد وهو الالتزام بالقانون والتسعيرة الرسمية. وهناك تجارب تمت في مناطق عدّة من الضاحية سلبيتها الوحيدة كانت تكبّد الناس أيام قليلة دون كهرباء، أما الفائدة فكانت أكبر بكثير».