فشل حزب القوات اللبنانية، أمس، في تأمين النصاب للجلسة النيابية المتعلقة بطرح الثقة بوزير الخارجية عبد الله بوحبيب… أو بالأحرى لم يرغب القواتيون أساساً في عقد الجلسة. إذ إن كتلة «الجمهورية القوية» نفسها لم تحضر بكل أعضائها الذين تغيّب بعضهم، وفي مقدّمهم ستريدا جعجع. كما لم يحضر كل نواب حليفهم، الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي أبدى تحفظات عن أداء الخارجية أيضاً. وعليه، ألغيت الجلسة بعد انتظار نحو نصف ساعة، وبعدما حضر 53 نائباً فقط، أي أقل بستة نواب من النصاب المطلوب (59 نائباً )كان يمكن للحليفين تأمينهم لو أرادا عقد الجلسة فعلاً. واستعاض القواتيون عن الجلسة بمؤتمر صحافي للنائب جورج عدوان تلا فيه خطاباً سياسياً ضد التيار الوطني الحر، وضد «المنظومة التي أوصلت لبنان الى هنا»، ومن دون أن يتطرق الى أي موضوع تقني. «المشكلة» التي دفعت القوات الى طرح الثقة بوزير الخارجية هي «تشتيت أصوات المنطقة الواحدة والقرية الواحدة والعائلة الواحدة على عدة أقلام اقتراع تبعد عن بعضها مسافات كبيرة، ما يصعب عملية الاقتراع»، علماً بأن ما حصل فعلياً هو أن ماكينة القوات في سيدني، وفي إطار تسجيل الناخبين المؤيدين لها، ملأت خانة zip code (الرمز البريدي) الخاصة بكل ناخب بطريقة عشوائية، من دون أن تأخذ في الاعتبار عنوان سكنه. نتيجة ذلك، توزع بعض الناخبين على مراكز اقتراع بعيدة عن أماكن سكنهم، كما توزّع أفراد بعض العائلات على أكثر من مركز، وهو خطأ تتحمله الماكينة الحزبية التي لم تعمد الى ذكر أماكن سكن الناخبين بشكل دقيق. بعد اكتشاف الخطأ، حاول رئيس الحزب سمير جعجع والنائبة ستريدا جعجع وعدوان لملمة الأمر بالاتصال بوزير الخارجية عبد الله بوحبيب والطلب منه إعادة توزيع الناخبين على المراكز بما يناسب ماكينة القوات، ووفق قائمة بأسماء الناخبين في سيدني مع أماكن توزعهم وضعها حزب القوات، علماً بأن عدد الناخبين المسجلين في المدينة يبلغ 17 ألفاً! وزير الخارجية رفض تلبية الطلب لأن «أي تعديل لمراكز اقتراع الناخبين من مكان الى آخر بناءً على طلب أي جهة كانت سيعرّض نتائج الانتخابات للطعن. كما أن إيداع المعلومات الصحيحة لدى التسجيل يقع على مسؤولية الناخب، والوزارة لا تتحمل مسؤولية أخطاء الأفراد والماكينات الانتخابية»، علماً بأن ذكر معلومات خاطئة عن الناخب هو بمثابة عملية تزوير. والخطأ القواتي موروث من عام 2018 حين انتخبت كل بلدان الاغتراب بحسب معيار مكان السكن وعبر الميغاسنتر، باستثناء سيدني التي سلّمتها وزارة الداخلية الى شركة خاصة عملت على توزيع الناخبين وفق الدوائر لا وفق أماكن السكن، من دون أن تبرر الداخلية يومها لماذا انتخبت سيدني بخلاف الدوائر الـ 14 الباقية. وقد أوصى تقرير بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة انتخابات 2018 باعتماد محل إقامة الناخب لتسهيل حركة الاقتراع، وأشار الى صعوبات واجهها بعض الناخبين في بعض الأماكن، فاتفقت وزارتا الداخلية والخارجية على اعتماد عنوان السكن في كل البلدان بما فيها سيدني التي يفترض أن تخضع للقوانين نفسها. على هذا الأساس، صدر تعميم عن الخارجية في 10 كانون الثاني، أي منذ أكثر من 3 أشهر، على كل البعثات الدبلوماسية والقنصلية لتحديد المراكز بحسب التوزيع الجغرافي للناخبين. غير أن حزب القوات ارتأى الاعتراض قبل أسبوع من موعد الانتخاب، علماً بأن مراكز الاقتراع التسعة في سيدني بالكاد تبعد عن بعضها بعضاً 35 دقيقة بالسيارة، ما يعني أن لا صعوبات حقيقية في وصول الناخب الى مركز الاقتراع. ولفت بوحبيب إلى أن «في أوستراليا ثلاث بعثات، كلها اعتمدت الإجراءات نفسها بالتنسيق والتواصل بين السفير ميلاد رعد والقنصلين العامين في ملبورن وسيدني زياد عيتاني وشربل معكرون. ونفى رعد وعيتاني في رسالة خطية كل ما أشيع عن موضوع سيدني».
خطأ توزيع الناخبين في سيدني تتحمّل مسؤوليّته ماكينة القوات


المسألة الثانية التي بني عليها طلب طرح الثقة كانت «عدم تسليم قوائم الناخبين لأصحاب العلاقة، ما يمنعهم من معرفة عدد المندوبين لكل مركز من مراكز الاقتراع»، وهو أمر يصدر بموجب قرار عن وزارة الداخلية ولا علاقة للخارجية به. وبالفعل عممت الداخلية أمس رابطاً لبرنامج يسمح للناخبين اللبنانيين أينما كانوا بالاطلاع على مكان واسم مركز الاقتراع الخاص بهم، ما يسقط حجة القوات. أما موضوع الاعتراض الثالث الذي طرحته القوات فهو «ابتداع طرق جديدة لاعتماد مندوبي المرشحين في أقلام الاقتراع الاغترابية بشكل يجعل توكيلهم من قبل المرشحين عملاً شاقاً إن لم يكن مستحيلاً». عن ذلك أوضح بوحبيب شروط إعطاء تصاريح للمندوب وهو أن يتسجّل في القوائم الانتخابية في لبنان أو في الخارج، في حين كان يشترط على المندوب في الدورة السابقة أن يكون مسجلاً حصراً في الخارج لنيله تصريحاً.