بتاريخ 11/12/1954، أقرّ مجلس جامعة الدول العربية مشروع القانون الموحد لمقاطعة اسرائيل، وأصدر التعميم رقم 3504/64 تاريخ 12/5/1964 الذي يتضمن ضرورة استصدار «القرار اللازم ووضعه موضع التنفيذ». في 23/6/1955، أقر مجلس النواب اللبناني قانون مقاطعة اسرائيل الذي يحظر على كل شخص طبيعي أو معنوي أن يعقد، بالذات أو بالواسطة، اتفاقاً مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها، وذلك متى كان موضوع الاتفاق صفقات تجارية أو عمليات مالية أو أي تعامل آخر أيا كانت طبيعته وفقاً لنص المادة الأولى من القانون المذكور.
وحظر القانون أيضاً دخول البضائع والسلع والمنتجات الإسرائيلية بأنواعها كافة إلى لبنان وتبادلها أو الاتجار بها، وكذلك السندات المالية وغيرها من القيم المنقولة الإسرائيلية، وعرض هذه البضائع والسلع والمنتجات أو بيعها أو شراءها أو حيازتها والقيام بأي صفقة بشأنها ولو على سبيل التبرع أو المقايضة.

متى تعتبر البضائع اسرائيلية؟
تعتبر إسرائيليةً البضائعُ والسلعُ المصنوعة في إسرائيل أو التي يدخل في صنعها جزء، أياً كانت نسبته، من منتجات اسرائيل على اختلاف أنواعها، سواء وردت من إسرائيل مباشرة أو غير مباشرة. وتعتبر في حكم البضائع الإسرائيلية السلع والمنتجات المعاد شحنها من إسرائيل أو المصنوعة خارج إسرائيل بقصد تصديرها.
وفي حكم صادر في العام 1998، أخرجت محكمة التمييز الجزائية برئاسة الرئيس رالف رياشي المطبوعات الممنوعة من إطار قانون مقاطعة إسرائيل واعتبرتها مخالفة لقانون المطبوعات، عندما استوردت إحدى المكتبات شحنة من عمان تتضمن 300 نسخة من كتاب «مكان تحت الشمس» لمؤلفه رئيس وزراء العدو الاسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقد وافق الأمن العام حينذاك على إدخال الكتب، إلا أن وزير الإعلام أصدر القرار رقم 168، بتاريخ 26/8/1996، القاضي بمصادرة النسخ، قبل أن يعود عن قراره في 6/3/1997. إلا أن قاضي التحقيق الأول في بيروت اعتبر أن الجرم يشكل مخالفة لقانون مقاطعة إسرائيل، وبالتالي فإن الصلاحية تعود إلى القضاء العسكري عملا بالمادة 12 من القانون المذكور، فيما دفع قاضي التحقيق العسكري بعدم اختصاصه لاعتباره من جرائم قانون المطبوعات، قبل أن تقوم محكمة التمييز الجزائية، بقرارها 198/1998، بفسخ قرار قاضي التحقيق في بيروت واعتبار أن الجرم المذكور يدخل في نطاق المادة 50 من قانون المطبوعات تاريخ 14/9/1962، والتي تعاقب ادخال المطبوعات الاجنبية الممنوعة اذا كان من شأنها تعكير الامن او المساس بالشعور القومي.

(أنجل بوليغان ــ المكسيك)

عام 2017، وردت إلى وزارة الاقتصاد والتجارة معلومات عن وجود بضائع إسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية تم الاستحصال عليها نتيجة عمليات شراء الكترونية بين مقيمين على الأراضي اللبنانية وجهات خارجية. اعتبرت الوزارة أن العمليات تمت من دون معرفة الشاري بمصدر البضائع، من دون أي قرار قضائي يثبت هذه المعرفة او ينفيها، فأصدر وزير الاقتصاد رائد خوري تعميما طلب بموجبه من الـمقيمين على الأراضي اللبنانية الذين يقومون بعمليات شراء إلكترونية التقيد التام بأحكام قانون مقاطعة اسرائيل والتأكد من الـمصدر ومن بلد الـمنشأ للبضائع والسلع والـمنتجات ومن جنسية الـموزع، قبل إتمام عمليات الشراء مع الجهة الأجنبية، وضرورة التنبه لعدم ولوج أي مواقع إلكترونية غير موثوق بها وغير آمنة، تحت طائلة تطبيق القوانين الـمرعية الاجراء بحقهم. (تعميم رقم 5/2017)
بعد أن تضع الدائرة المختصة في وزارة الاقتصاد اسم الشركة ضمن الشركات الممنوع التعامل معها، بموجب قرار يصدر عن مجلس الوزراء وفقا لقانون مقاطعة إسرائيل، يقتضي ان ترفض كل إجازة بالاستيراد من هذه الشركة الممنوعة. وسبق للوزارة، عام 1970، أن وضعت اسم شركة بلجيكية على اللائحة السوداء، إلا أنها أجازت للمستورد الاستيراد منها ثم منعته من إدخال البضائع وصادرتها، ما دفع بالمستورد للجوء الى مجلس شورى الدولة الذي أصدر قراره رقم 278/1982، واعتبر أن المستورد لا يجوز له التذرع بجهل قرار المنع، وبالتالي قضى بتحميل الدولة مسؤولية 75% من الخطأ و25% على عاتق المستورد، وألزم الدولة دفع 75% من ثمن البضاعة واجرة فتح الاعتماد وبدل تأمين البضاعة وأجرة الشحن ومصاريف التجريم ورسم مصاريف اجازة الاستيراد إضافة الى فائدة 6% من تاريخ صدور القرار.

أي عقوبات لمخالفة قانون المقاطعة؟
يعاقب كل من يخالف أحكام حظر إدخال البضائع الاسرائيلية بالأشغال الشاقة الموقتة من ثلاث إلى عشر سنوات وبغرامة من خمسة آلاف ليرة إلى أربعين ألف ليرة لبنانية. ويمكن أن يحكم عليه أيضاً بالمنع من مزاولة العمل وفقاً للمادة 94 من قانون العقوبات.
ويعاقب كل من يخالف أحكام المادة المتعلقة بشهادة المنشأ والتدابير المتخذة لمنع التصدير الى اسرائيل من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة خمسمائة إلى خمسة آلاف ليرة أو بإحدى هاتين العقوبتين، مع العلم أنه تمت مضاعفة قيمة الغرامة مئة مرة، بموجب الفقرة (1) من المادة (30) من القانون رقم 89/91. وعلى المحكمة أن تقضي بمصادرة الأشياء والأموال التي نتجت عن الجريمة أو التي استعملت لاقترافها مع الاحتفاظ بحقوق الغير ذي النية الحسنة. كما للمحكمة أن تحكم بمصادرة وسائل النقل التي استعملت لارتكاب الجريمة إذا كان صاحبها على علم بالأمر.
ويفترض ان تعلق خلاصة كل حكم بالإدانة في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بأحرف كبيرة على واجهة محل تجارة المحكوم عليه أو المصنع أو المخزن أو غيره من الأماكن التي يعمل فيها وذلك على نفقته ولمدة ثلاثة أشهر. أما النظر في جرائم ومخالفات هذا القانون فيعود للمحاكم العسكرية.

جرم دخول اراضي العدو
تتناول المادة 285 من قانون العقوبات الصلات غير المشروعة مع العدو: حيث يعاقب بالحبس سنة على الاقل وبغرامة لا تنقص عن مائتي ألف ليرة لبنانية (تضاعفت 100 مرة) كل لبناني وكل شخص مقيم في لبنان أقدم أو حاول أن يقدم مباشرة أو بواسطة شخص مستعار على صفقة تجارية أو أي صفقة شراء أو بيع أو مقايضة مع أحد رعايا العدو أو مع شخص ساكن بلاد العدو. كما يعاقب بذات العقوبة كل لبناني وكل شخص في لبنان من رعايا الدول العربية يدخل مباشرة أو بصورة غير مباشرة وبدون موافقة الحكومة اللبنانية المسبقة بلاد العدو لأي سبب كان. وهذا الجرم ضمن فئة الجرائم التي يعود للمحاكم العسكرية النظر بها.
يفترض ان تعلق خلاصة كل حكم بالإدانة في الجرائم المنصوص عليها في قانون المقاطعة بأحرف كبيرة على واجهة محل تجارة المحكوم عليه لثلاثة أشهر


محكمة التمييز الجزائية اعتبرت في حكم صادر عنها في العام 2000 أن جرم دخول أراضي العدو هو من نوع الجنحة التي تسقط دعوى الحق بشأنها بمرور الزمن الثلاثي في حال انقضت مدة ثلاث سنوات بين حصول الجرم والادعاء، وذلك بعد أن أوقفت الأجهزة الأمنية عام 2000، سيدة اعترفت بدخول أراضي العدو للعمل في مجال خياطة الألبسة من عام 1990 لغاية عام 1995، وقضى القرار بسقوط دعوى الحق العام .
وفي عام 1998، اعتبرت المحكمة نفسها برئاسة الرئيس رالف رياشي أيضاً، أن دخول مراسل صحافي الى أراضي العدو لا يؤلف جريمة من جرائم المطبوعات، وإنما مجرد الدخول يؤلف جرماً بحد ذاته وخرقاً لقانون العقوبات، ولا حاجة لتوافر النية الجرمية القائمة على هدف اقامة صلات غير مشروعة بالعدو وقضت بصلاحية تجريمه من قبل القضاء العسكري.



لا آليات تطبيقية لعودة من هرب الى «إسرائيل»
عام 2011، أصدر مجلس النواب اللبناني قانوناً لمعالجة أوضاع المواطنين اللبنانيين الذين لجأوا إلى «إسرائيل» (قانون رقم 194 صادر في 18/11/2011)، فرّق بين مَنْ خَدَموا في ميليشيا «جيش لبنان الجنوبي»، الذين فرّوا إلى الأراضي المُحتّلة، وبين المواطنين الذين لم ينضَووا عسكريًا وأمنيًا (بِمَنْ فيهم عائلات مَنْ خَدَمَ في الميليشيا) ولجأوا إلى الأراضي المُحتّلة إثر التحرير في 25 أيار عام 2000. وسمح للفئة الثانية بالعودة، ضمن آليات تحدد بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناءً لاقتراح وزير العدل، خلال سنة من تاريخ صدور المراسيم التطبيقية.
ورغم مضي 11 عاماً على صدور القانون، لم تصدر أي آليات تطبيقية له بعد، فيما تسيطر الأصوات التي تدعو إلى العفو عن العملاء على معظم وسائل الاعلام.


جنايات بحق الوطن
اعتبر قانون العقوبات أن خيانة الوطن هي من الجنايات الواقعة على أمن الدولة الخارجي، ومنها أعمال العدوان ضد لبنان والتجسس ودس الدسائس عبر إقدام أي لبناني أو أجنبي مقيم في لبنان على:
◄ حمل السلاح على لبنان في صفوف العدو
◄ التجنّد بأي صفة كانت في جيش معاد ولم ينفصل عنه قبل أي عدوان ضد لبنان
◄ الاقدام في زمن الحرب على أعمال عدوان ضد لبنان
◄ دسّ الدسائس لدى دولة أجنبية أو الاتصال بها ليدفعها الى مباشرة العدوان على لبنان أو لتوفير الوسائل إلى ذلك
◄ دسّ الدسائس لدى العدو أو الاتصال به ليعاونه بأي وجه كان على فوز قواته
◄ الإضرار بالمنشآت والمصانع والبواخر والمركبات الهوائية والأدوات والذخائر والأرزاق وسبل المواصلات وبصورة عامة بكل الاشياء ذات الطابع العسكري أو المعدّة لاستعمال الجيش أو القوات التابعة له
◄ تقديم مسكن أو طعام أو لباس لجاسوس أو لجندي من جنود الاعداء يعمل للاستكشاف أو لعميل من عملاء الاعداء أو مساعدته على الهرب أو إجراء اتصالات مع أحد هؤلاء الجواسيس أو الجنود او العملاء وهو على بينة، من أمره
◄ تسهيل فرار أسير حرب أو أحد رعايا العدو المعتقلين يعاقب بالاعتقال الموقت
◄ التجسس عبر الدخول أو محاولة الدخول الى مكان محظور، بقصد الحصول على أشياء أو وثائق أو معلومات يجب أن تبقى مكتومة حرصاً على سلامة الدولة
◄ سرقة أشياء أو وثائق أو معلومات أو الاستحصال عليها
◄إفشاء أو إبلاغ الوثائق أو المعلومات السرية ممن كانت في حيازته، وتشدد العقوبة إذا كان ذلك لمنفعة دولة أجنبية، وتشدد العقوبة اذا كان المجرم يحتفظ بما ذكر من المعلومات والاشياء بصفة كونه موظفا أو عاملا أو مستخدما في الدولة، وتشدد أكثر اذا كان ذلك لمنفعة دولة أجنبية
اذا اقترفت الجرائم لمصلحة دولة معادية شددت العقوبات بحيث يبدل الاعدام بدلا من الاشغال الشاقة المؤبدة وتزاد كل عقوبة موقتة من الثلث الى النصف وتضاعف الغرامة.
اعتبرت محكمة التمييز الجزائية (رقم 152/2000) برئاسة الرئيس رالف رياشي أن جرم المادة 278/ عقوبات (تقديم مسكن أو طعام أو لباس لجاسوس أو لجندي من جنود الاعداء يعمل للاستكشاف أو لعميل من عملاء الاعداء) لا يتوفر في المواطن الذي باع الخبز من عملاء العدو رغم أنه كان يبيع الخبز لعناصر ميليشيا لحد بمعدل 300 ربطة أسبوعياً لانتفاء نية الخيانة كما اعتبرت المحكمة، ومنعت عنه المحاكمة معتبرة انه لا يوجد جرم لهذه الجهة .
من جهة أخرى، وفي ما يتعلق بجرم التجسس وعقوبة الموظف الذي يعمد الى افشاء معلومات سرية للعدو، فبعد أن أقدم أحد العسكريين عام 1992 بعد تسريحه تأديبياً على الالتحاق بميليشيا لحد، أعطى المسؤولين في الميليشيا معلومات حول فرع مكافحة الارهاب والتجسس في الجيش اللبناني وأسماء بعض ضباطه. وبما ان هذه المعلومات، نظراً لسرية الاعمال التي يقوم بها هذا الفرع، تؤلف امورا يتوجب كتمانها على اي شخص لا صفة له لمعرفتها او للاطلاع عليها حرصا على سلامة الدولة وأمن المؤسسة العسكرية، وبالتالي فإن افشاءها لمن هم في ميليشيا لحد يعتبر ارتكاباً لجناية التجسس وفق أحكام المادة 283/ عقوبات، لذا أحالته محكمة التمييز الجزائية الى المحكمة العسكرية الدائمة الناظرة بالجنايات.


مكتب مقاطعة «إسرائيل»
أُنشئ مكتب مقاطعة إسرائيل تحت إشراف وزير الاقتصاد، وفق المرسوم رقم 12562 الصادر في 19/4/1963، على ان تتولى هذه الهيئة، بعد موافقة مجلس الوزراء، تحديد الأفعال والتصرفات التي تشكل مخالفات لقانون المقاطعة، واتخاذ القرارات المتعلقة بإدراج أو شطب أسماء من لائحة الأشخاص أو المؤسسات المحظور التعامل معها واللائحة السوداء للبواخر.