سارع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، إلى الرّد على الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، تماشياً مع سياسته التي يصرّ على اتّباعها منذ تسلّم رئاسة الحكومة، والتي تقوم على طلب الرّضى السعودي، والنّزول عند أوامر الرياض.
وفيما تبرّأ ميقاتي مما ورد في خطاب نصر الله، في الذكرى الثانية لاغتيال القائدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، ادّعى أن مواقف نصر الله بحقّ السعودية لا تمثّل «الشريحة الأوسع من اللبنانيين».

ولم يكتفِ ميقاتي بذلك، بل قرّر أن يتماهى مع الخطاب السعودي الذي يُشكّك في وطنية حزب الله، بالإشارة إلى أنه يُنادي بـ«أن يكون حزب الله جزءاً من الحالة اللبنانية المتنوعة ولبناني الانتماء»، مُتّهماً قيادته بأنها تخالف هذا التّوجه بـ«مواقف تُسيء إلى اللبنانيين أولاً، وإلى علاقات لبنان مع أشقائه ثانياً».

ويأتي تماهي ميقاتي مع الخطاب السعودي بعد الهجوم الذي تعرّض له من قبل شخصيات موالية للرياض في لبنان، عقب تصريحه الذي وصف فيه حزب الله بأنه «حزب سياسي موجود على الساحة اللبنانية».

ودعا ميقاتي في ختام بيانه الجميع إلى «الرّأفة بهذا الوطن وإبعاده عن المهاترات التي لا طائل منها، ولنتعاون جميعاً لإخراج اللبنانيين من وحول الأزمات التي يغرقون فيها (...) أَوقفوا الشحن السياسي والطائفي البغيض».

ويواظب ميقاتي منذ تسلّمه رئاسة الحكومة على التّودّد لقيادة المملكة، على رغم إصرارها على تجاهله، ما خَلا الاتصال اليتيم الذي قَبِل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بإجرائه، بوساطة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعقبت استقالة الوزير السابق جورج قرداحي، نزولاً عند الطلب السعودي.

وفي وقت سابق، قال ميقاتي إن السعودية «هي قبلتي السياسية والدينية»، مضيفاً: «عندما أؤدي صلواتي الخمس يومياً أتّجه نحو القبلة في السعودية».

ولم تُتبِع السعودية الاستقالة والاتصال بأي خطوة تُعيد العلاقات إلى طبيعتها، بل هي لا تزال ترفض حتّى التواصل والحوار، وتمتنع عن إعادة العلاقات الديبلوماسية التي قطعتها بعد انتشار تصريحات للبناني عادي، قبل أن يتسلّم مقاليد الوزارة. وحتى المساعدات التي أعلنت أنها ستُقدّمها إلى لبنان بالتعاون مع فرنسا، طلبت ألا تعبُر من خلال الدولة، التي يترأس حكومتها ميقاتي، وفق ما كشفت السفيرة الفرنسية آن غريو، أخيراً.

وقرّر نصر الله اليوم الخروج عن السياسة التي اتّبعها حزب الله خلال المرحلة الفائتة، والتي تمثّلت بخفض سقف الخطاب ضدّ السعودية، لمساعدة الحكومة على حلّ الأزمة التي افتعلتها المملكة بنفسها، تحديداً وأن قيادتها لم تنقطع يوماً عن التّهجّم على حزب الله، ووصفه بـ«الإرهابي»، على رغم أنها عجزت عن تقديم دليل واضح واحد يُثبّت ادعاءاتها حول تدخل حزب الله في اليمن.

وفي هذا السياق، أكد نصر الله في خطابه «أننا لم نعتدِ على السعودية ولم نهاجمها، بل هي كانت شريكة في الحرب الكونية على المنطقة». وقال إن «الإرهابي هو الذي أرسل آلاف السعوديين التكفيريين إلى سوريا والعراق»، وهو الذي «يحتجز آلاف اللبنانيين في الخليج رهينةً، ويهدّد بهم لبنان كل يوم». ورأى نصر الله أن «استقالة أي وزير لبناني لن تُغيّر موقف السعودية، لأن مشكلتها هي مع الذين هزموا مشروعها في المنطقة».