المستوردون والتجار يربطون ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية بـ«لعب» الدولار. ويبررون بأإن «سعر السلعة بيفرق بين ما يكون الدولار بـ1700 ليرة وبين ما يكون بـ2100». وإن كان لا يمكن لوم الكل هنا، إلا أن الاسترسال في هذا التبرير دفع بالكثير من المحتكرين من تجار الجملة والمستوردين «إنو تشبع من تحت راس الدولار»، بحسب عباس، إذ إن أزمة الدولار «فتحت الباب واسعاً أمام جشع البعض، ونلمس هذا الأمر من خلال الجولات الميدانية التي تقوم بها الوزارة». حتى اليوم، يمكن أن تحصر عباس الزيادة على المواد الغذائية الأساسية ما بين 10 و11%، وإن كانت «نطّت» إلى 25% بالنسبة إلى سلعٍ أخرى، وإن كانت محدودة.
بلغت الزيادة على المواد الغذائية الأساسية بين 10 و11% وقفزت إلى 25% في سلعٍ أخرى
المؤشر اليوم «إلى ارتفاع»، والأزمة بحسب عباس تكمن في الصلاحيات المحدودة لوزارة الاقتصاد، إذ تقتصر في غالب الأحيان على تسطير محضر ضبط وتحويله إلى القضاء. وهذا وحده كاف لكي لا يكون رادعاً. لهذه الأسباب، في ظل محدودية الصلاحيات (إذ تنحصر في الغالب في ترتيب العلاقة بين تاجر المفرّق والمستهلك) التي تقتصر على تسجيل المخالفات، وجهت الوزارة، أمس، كتاباً إلى وزير العدل بغية منح مديرية حماية المستهلك «صلاحيات استثنائية»، على الأقل خلال فترة الأزمة. وتسمح هذه الصلاحيات لوزارة الاقتصاد بمنح المخالفات «صفة العجلة»، من خلال تحويلها إلى القضاء المختص ــ القاضي المنفرد الجزائي المختص ــ سنداً لقانون أصول المحاكمات الجزائية، وتحديداً المادة 39 منه، التي تنص على أنه «يحقّ ﻟﻨﻮﺍطير ﺍﻟﻘﺮﻯ ﻭﻣﻮﻇﻔﻲ المراقبة في ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﻣﺮﺍقبي ﺍﻷﺣﺮﺍﺝ ﻭحماية المستهلك والموظفين المختصين بالرقابة في الجمارك ﻭﺇﺩﺍﺭﺓ ﺣﺼﺮ ﺍﻟﺘﺒﻎ ﻭﺍﻟﺘﻨﺒﺎﻙ وفي المرافئ والمطﺎﺭﺍﺕ ﻭفي ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺣﺔ ﻭﻟﻠﺤﺮﺍﺱ الليليين ﺃﻥ ﻳﻀﺒﻄﻮﺍ، ﻛﻞّ في ﺣﺪﻭﺩ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻪ، ﻭﻭﻓﻖ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ المنوط به ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ، المخالفات ﻭﻳﺜﺒﺘﻮﻫﺎ في محاضر ﻣﻨﻈّﻤﺔ ﺃﺻﻮلاً ﻭﻳﻮﺩﻋﻮﻫﺎ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍلمنفرد المختص». من شأن هذا الاستثناء أن يمنح تلك المخالفات، إضافة إلى صفة العجلة، صفة «الردع من خلال سرعة التنفيذ».
إذاً، في ظل عدم القدرة على وضع سقفٍ للأسعار في ضوء «لعب الدولار» وعجز الوزارات المعنية عن الردع، اليوم هو دور قضاء العجلة لضبط الواقع «الشارد» مع الدولار. فهل ينجح القضاء حيث عجزت وزارة الاقتصاد؟