على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

عند بعض العرب، لا عند كلّهم، حرب 1967 شكّلت أزمة نفسيّة عميقة لهم. ماذا يعني أن تكون ـــ كما أنا كنتُ ـــ في سن السابعة وتدري أن كل ما حولك تغيّر وأنّ الأرض زلزلت تحت أقدامك؟ ماذا يعني أن ترى الكبار ـــ الأهل والجيران ـــ يبكون وينتحبون؟ ماذا يعني أن ترى الناس يخرجون في الشوارع في أثواب النوم مُطالبين عبد الناصر بالرجوع عن الاستقالة (أسخف ما أنتجته بروباغندا السادات ـــ إسرائيل ـــ أميركا ـــ الخليج أنّ النظام الناصري هو الذي أخرج التظاهرات؟ وهل النظام الناصري أخرج 5 ملايين لحضور جنازة عبد الناصر؟) بعد هزيمة 1967 والإعلام المُطنطِن الذي صاحبها لم تعد تصدّق الإعلام ولا تصدّق البيانات العسكريّة خصوصاً عندما يصيغها أمثال البعث والسادات وطبعاً ياسر عرفات. حرب 1967 كانت انتصاراً هائلاً في الحرب النفسيّة: هي وفّرت على إسرائيل حروباً لأنّها زرعت الخوف في النفوس وأقنعت ملايين أن جيش العدوّ لا يُقهر. لم أشفَ من عقدة 1967 في عام 2000. طبعاً، انتشيتُ بالنصر والانسحاب المذلّ، لكن لم يكفني ذلك لإعلان تغلّبي على عقدة حرب 1967. حرب تمّوز كانت هي الإكسير والدواء الذي يشفي من عقدة هزيمة 1967. لم أكن أصدّق ما يجري في أيّام المعركة الأولى. كنتُ ـــ أعترف أمامكم ـــ مُشكِّكاً، خصوصاً وأنّني نشأتُ سياسياً في صباي في كنف المقاومة الفلسطينيّة. تعوّدتُ على بيانات عسكريّة لم تكن على صلة بالميدان. كانت السيوف أطول بكثير من القامات، على قول الشاعر. العكس حدث في حرب تمّوز. القامات باتت عملاقة وكانت أطول من سيوفنا للمرّة الأولى. وعندما وافقت المقاومة على الهدنة، أُصبتُ بإحباط فظيع انتشلني منه الصديق عامر محسن. بعد الهدنة، انطلقت الصواريخ مجدّداً وعندها ـــ عندها فقط ـــ أدركتُ أن الصراع العربي ـــ الإسرائيلي تغيّر جذرياً وأن المعادلة باتت معكوسة. عندها فقط، أدركتُ أنّ هزيمة 1967 باتت تحت التراب. طبعاً، بروباغندا اليمين العربي تذكّر بهزيمة 1967 يوميّاً وتتناسى نصر تمّوز يومياً، لكن لا مجال للإنكار باعتراف العدوّ نفسه (رغم أنّ جماعة 14 آذار يصرّون إلى الآن على أنّ إسرائيل منتصرة دوماً ولن يصيبها شرّ).

0 تعليق

التعليقات