احتفظ متحف «نيكولسون» في جامعة سيدني، منذ أكثر من 150 عاماً، بأربعة توابيت مصرية قديمة معقدة التصميم، ثلاثة منها تحتوي على مومياوات كاملة. غير أن الصدف بدّلت أخيراً التصنيفات التي أحيطت بالتابوت الرابع مذّاك، بعدما تبين أنه لم يكن فارغاً ويحوي رفات مومياء فرعونية، ذلك أنه لم يخضع أبداً للدراسة. التابوت الذي يحمل نحتاً رائعاً عمره 2500 عام، كان معروضاً في المتحف طوال العقود الماضية، من دون أن يتم فتحه حتى العام الماضي، عندها فوجئ العلماء بوجود بقايا أقدام بشرية وعظام.
وفي هذا الإطار، أوضح المسؤول في متحف «نيكولسون»، جيمي فريزر، أن التابوت لم يحصل على حظ وفير من البحث بسبب «هيمنة التوابيت الثلاثة الأخرى التي تحتوي على مومياوات كاملة»، وأنه تم فحص محتوياته بأشعة الليزر لإعداد صورة ثلاثية الأبعاد، قبل أن يتم إرساله لعمل أشعة مقطعية له، وهو ما تم الانتهاء منه الأسبوع الماضي.
(تصوير تشخيصي طبي)

«نهبها سارقو القبور»
إلا أن المومياء، التي وصفت بأنها «ممزقة على نحو سيئ» وفي حالة رثة بعدما «نهبها سارقو القبور في مرحلة ما من التاريخ»، لم يتبقّ منها سوى 10% من الرفات في التابوت، الذي تبيّن كذلك أنه كان مخصصاً لامرأة اسمها «مير-نيث-إت-إيس»، وفقاً لما يؤكده التاريخ الهيروغليفي المحفور على غطاء التابوت. وفيما أشار فريزر إلى أن السيدة كانت إما كاهنة أو خادمة آلهة، أعرب عن أمله في أن يثبت اختبار الكربون المشع أن صاحبة التابوت توفيت حوالى 600 سنة قبل الميلاد. وإذا تم التأكد من ذلك، فمن المحتمل أن «هذه البقايا تنتمي لصاحبة التابوت»، وإذا كانت امرأة فمن المرجّح أنها «مير نيث». علماً أن مسح التصوير المقطعي (CT) الذي تم الانتهاء منه الأسبوع الماضي، أظهر وجود العديد من العظام والضمادات وشظايا الراتنج (الصمغيات)، وأكثر من 7000 حبة خرز من شال الجنازة.
ويأمل فريزر أن تقدّم العظام إجابات عن التساؤلات المطروحة في ما يتعلق بالنظام الغذائي والأمراض ونمط حياة تلك الشخصيات، أي «كيف عاشت وكيف ماتت»، مشيراً إلى وجود مفاتيح في الهيروغليفية «توضح لنا إلى جانب طريقة تحنيط المومياء وشكل التابوت، كيف كان معبد سخمت يعمل».
(تصوير تشخيصي طبي)

مصر البداية
التابوت الحجري، الذي يعود إلى عصر الأسرة 26 (664 إلى 525 قبل الميلاد)، هو أحد التوابيت الأربعة التي نقلها مؤسس المتحف الأسترالي والرئيس السابق لجامعة سيدني، تشارلز نيكولسون، من مصر في عام 1860. بيد أن الحالة السيئة للمومياء المكتشفة شكّلت فرصة لعلماء الجامعة لإجراء اختبارات علمية أكثر دقّة، إذ لا يُجري علماء الآثار الحديثون اختبارات على المومياوات المحفوظة بشكل جيّد، خوفاً من إلحاق الضرر بها.