إذا كنت وحيداً
جداً!
ولم تحدث أمام عينيك تماماً
غابة،
لم يبقر صدركَ من الدّاخل
ثورٌ هائج
ويركض على سجادتكَ
مبعثراً عظام قفصكَ...
من غرفةٍ إلى أخرى،
لم يصادفك زلالٌ جائعٌ في طريق عودته،
لم ينتبه لوجودكَ حطّاب،
ولم يعطكَ الفأس
شكل خلاصك،
لم يخرج قبالتكَ
مقعد خشبي فارغٌ
ومسعور
يعمل أطرافه المعدنية في جسدك
ثمّ يتركك تنزف
على حافّة نهر،
لم تتنازع على طحالك
ضباعٌ نصف آلية
تعمل لصالح الموت بالمجّان،
لم ينتزع دبٌ سيّئ الحظّ
أحشاءك الفاسدة
ويموت قبلك،
لم ينحرف عن وجهته قطارٌ
يسير منذ ألف عام بين فكّي كتابٍ
محملاً بالأفكار الشّريرة
ومؤخرات النّساء البدينات
ويسحل جمجمتك،
لم تغمض عينيك
وأنت تشاهد الحشرات
وهي تسرق منك أجزاء صغيرة نتنة
ــ تراها لأوّل مرة ــ
تحملها فوق رأسها
وبين ذراعيها
وكأنّها تستردّ منك أشياء كانت ملكها بالأصل.
إذا كنتَ وحيداً
جداً!
ولم تكتب قصيدة جيدة
تتحدّث بها عن رجلٍ جداً
وحيد،
لم تلوّث قصبتك بتبغ رديء
ولم تبتهج
بالعذاب الذي استطعت أن تمنحه لنفسك،
لم تسعلْ اسمكَ
ديدان،
وحلزونات رخوة،
تُشبهكَ
على ورق مراحيض مجهزة خصيصاً لذلك،
لم تفتتح كلماتك بأنياب مسمومة
ومخالب
ملطّخة بأصوات السّاسة،
لم تقدّم جنازة أو اثنتين
من السّطر الأول
ولم تدسّ لغماً في كلّ فاصلة،
لم تفقد من هشاشتكَ
دمعةً
مع كلّ زنزانة تفتحها
بينك وبين غرائزك،
لم تلصق أذنك إلى قدمك
لتنصت لبكاء الخيول المنهكة
بين جلدك وعظامك،
لم تحضرك كلمة مصقولة بعناية
ترغب أن تحتفظ بها لنفسك،
لم تحاول أن تمسكها بيديك العاقّتين
وتدخلها
بالمعول
والسّكين
إلى قلبك،
لم تعدّ منها حساءً فاخراً
للغيلان التي تعمل سراً
تحت صمتك،
لم تختنق بعظامها الخشنة
وأنت تحاول أن تتذوق
لكنتها الغامضة،
لم تضرب رأسك ألف مرة
عرض الحائط
وأنت تنهار بكل لباقتك
أمام سطرٍ فارغ
تحاول أن تكمله بقطعة من لحمك النّيئ،
لم يلدغك ثعبان مجروح
نسيته متعمداً
في الجملة التي تتحدث بها
عن العائلة.
إذا كنتَ وحيداً
جداً
ولم تستطع أن تكمل
ما بدأتُه أنا!
ولم تتركني أُنهي هذه الكلمات
على طريقتي!
أقترح عليك أن تقترب منّي
ببطء
وأن تسمع ما سأهمس به بعناية
أرجوك...
أرجوك...
خذ هذا الألم معك
وغادر.

*شاعر يمني