تونس | تشارك تونس في «معرض بيروت العربي الدولي للكتاب» بثلاثة أجنحة: الأول لاتحاد الناشرين التونسيين، والثاني لـ «دار محمد علي الحامي» والثالث لدار تونسية لبنانية مصرية هي «التنوير». تبقى بيروت قلب الثقافة العربية وخصوصاً عاصمة للنشر بما تملكه الدور اللبنانية من تقاليد عريقة في توزيع الكتاب.
لذلك، يتطلع الكتاب التونسيون والجامعيون إلى نشر كتبهم في بيروت التي كانت وراء شهرة هشام جعيط الذي أصدر كل كتبه في بيروت، وكذلك عبد المجيد الشرفي، والمؤرخ الهادي التيمومي، وبعض الشعراء والروائيين مثل منصف المزغني، وآدم فتحي، وحسونة المصباحي. تطلع الكتاب التونسيين الى النشر في بيروت يعود إلى عجز الدور التونسية عن الوجود في المعارض العربية والدولية بسبب ارتفاع كلفة الشحن. ورغم كل ما تقدمه الدولة من مساعدات للناشرين في إطار اتحاد الناشرين التونسيين، ما زال حضور الكتاب التونسي ضعيفاً.

ذلك أنّ أهم الدور التونسية لا تشارك في معارض الكتاب إلا ضمن المشاركة الرسمية لاتحاد الناشرين مع وزارة الثقافة. الاستثناء يحدث منذ سنوات مع «دار محمد علي الحامي» التي تأسست في الثمانينيات في مدينة صفاقس (العاصمة الثانية للبلاد). فقد اكتسبت خبرة في المشاركة في المعارض العربية ونجحت في نسج علاقة مع سوق النشر والطباعة في بيروت. النوري عبيد مؤسس الدار والرئيس السابق لاتحاد الناشرين التونسيين قال لـ «الأخبار» إنّ مؤسسته لا تغيب عن معرض بيروت منذ سنوات رغم انه ليس معرضاً تجارياً، لكن قيمته تكمن في ما يوفره من فرص الشراكة مع الناشرين العرب وإمكانيات اللقاء مع كتاب ومثقفين عرب. واعتبر عبيد في تصريحه لـ «الأخبار» أن علاقة مؤسسته مع بيروت انتقلت من مجرد الطباعة إلى الشراكة الفعلية مع ناشرين لبنانيين ومصريين من خلال بعث دار نشر تونسية لبنانية مصرية لها ثلاث فروع بين تونس والقاهرة وبيروت.
«دار التنوير» حاضرة بمجموعة
من الروايات الجديدة


هذه التجربة مكنت الكتاب والكاتب التونسيين من الوجود في الشرق فيما تضمن الدار حضوراً للكتاب اللبنانيين والمصريين في المغرب العربي. وفق مدير «دار التنوير» في تونس وائل عبيد، ستكون الدار حاضرة في معرض بيروت بمجموعة من الإصدارات الجديدة منها رواية «الطلياني» لشكري مبخوت، وكتب يوسف الصديق «الآخر والآخرون في القرآن» و»ما لم يقله القرآن»، و»ليس الذكر كالأنثى» لألفة يوسف، وكتاب عبد المجيد الشرفي «مرجعيات الاسلام السياسي» وكتاب محمد الهادي التيمومي «مدارس تاريخية حديثة»، وحياة عمامو «السيرة النبوية» وكتاب محمد الحداد «التنوير والثورة».
يمكن اعتبار «دار محمد علي الحامي» و«دار التنوير» استثناء في مشهد النشر في تونس. من بين 200 دار تونسية، يصل معدل النشر على الحساب الخاص الى حوالى الستين في المئة من معدل النشر في تونس وتعود هذه الظاهرة إلى سبب أساسي هو عدم قدرة الناشر التونسي على توزيع الكتاب. يحصل الموزع في تونس على نسبة ٤٠ في المئة من عائدات الكتاب. لذلك لا يغادر الكتاب تونس الكبرى وبعض مدن الساحل، ما يفسر ضعف معدل توزيع الكتاب التونسي.
في هذه الوضعية، تبقى وزارة الثقافة الممول الوحيد للناشرين من خلال الدعم المالي على شراء الورق الذي تقدمه للناشرين واقتناء نسخ من منشوراتهم لشبكة المكتبات العامة التابعة لوزارة الثقافة وبالتالي تصبح الوزارة هي تقريباً الناشر الفعلي للكتاب وهي من تقتنيه أيضاً!
ورغم هذا المشهد الاستثنائي، تقاوم بعض الدور من أجل البقاء وتحاول الحضور في المعارض العربية مثل «دار الجنوب» أعرق الدور التونسية اشتهرت بسلسلة «عيون المعاصرة» التي نشرت أهم اعمال الكتاب العرب مثل محمود درويش، وعبد الوهاب البياتي، والطيب صالح، واميل حبيبي، ونزار قباني، وحنة مينة، وكذلك «دار سحر» التي تأسست في مطلع التسعينيات وهي أكثر دار تنشر للكتاب التونسيين. وفي السنوات الاخيرة، ظهرت دور جديدة مثل «دار أمل» في صفاقس، و«دار آفاق» التي حصلت أخيراً على حقوق نشر أعمال العفيف الأخضر. كما نشرت كتباً مهمة تتعلق بتاريخ اليسار التونسي. وظهرت دور يقف وراءها كتاب شباب مثل «مسكلياني» و«ورقة» و«زينب».
لكن حركة النشر في تونس تبقى مرتبطة بالدولة وبدعم وزارة الثقافة. في غياب هذا الدعم الذي يصل في العام الى مليون يورو، ستتوقف حركة النشر في البلاد بشكل كامل تقريباً.