هو شاعر الشعب وشاعر الوطن بما تعنيه هذه التسميات من إعلاء الصوت في مواجهة النظام والفساد والظلم والرشى والأحزاب بشقّها السلبي. الزعني أبرز مثال على النضال بالكلمة والسخرية، عانى وسُجن وقُمع ومُنع مرات عدّة من أيام الاحتلال العثماني مروراً بالانتداب الفرنسي وصولاً إلى استقلال لبنان. مُنعت قصائده وخُتمت بالأحمر، وها هي قصائده الممنوعة، تعود متربّعة على صفحات كتاب بعد 61 عاماً على رحيله. مع العلم أنّها تحاكي الوضع الحالي «الحاله هيه هيه، ما بينعطوا وش، كلنا في الهوا سوا، السياسة، ما حدا مبسوط، عجقة وزحمة، احتكار». تظهر القصائد في الكتاب بخط يده وبختم الأمن العام في خانة «الممنوع» بذريعة أنها تتضمّن كلمات ساخرة وهجائية وانتقادية وسياسية.تولّى تدقيق «عمر الزعنّي – القصائد الممنوعة» الفنان أحمد قعبور وصمّم الغلاف مروان قعبور. إلى جانب الكتاب، هناك ما هو منتظر على صعيد أغنيات الزعني: حين كانت بيروت «عاصمة عالمية للكتاب 2010»، قدّم «نادي لكلّ الناس» «سي. دي» وكتاباً وفيلماً قصيراً عن الزعني. وفي مسرح «قصر الأونيسكو»، غنّت أربع فرق مختلفة 12 أغنية للزعني. يقول مدير «نادي لكلّ النّاس» نجا الأشقر لنا: «اللقاء مع أقارب الزعني أكسبنا ثقتهم، ونهدف إلى حمل تراثه في لبنان والخارج. أوكلوا لنا مهمة الحفاظ على تراثه ونشره عبر تسليمنا أرشيفه. وعندما امتلكنا حق النشر قانونياً، حصّلنا حقوق العائلة من البث العلني على مدى السنوات الماضية. ولم يعد عمر الزعني مشاعاً».
وعن الإصدار الجديد، يضيف الأشقر: «أرشيف الزعني الورقي ظهر في كتاب، وكنت على تواصل مع المختار سمير الزعني الملقّب بـ «الزعني الصغير» الذي توفي قبل سنة ونصف السنة، وعملنا جاهدين طيلة السنوات الماضية بمساعدة الفنان أحمد قعبور. أما الشق الآخر الذي من المقرّر أن يصدر في العام المقبل، فهو الشق الموسيقي، إذ قمنا برقمنة مجموعة عمر الزعني الأساسية (فينيل) وأُرسلت إلى فرنسا قبل ثلاث سنوات. المخرجة والمؤرشفة ليانا قصير تتابع عمل الشق الموسيقي مع المؤلّف الموسيقي وعازف العود فهد رياشي هناك. في البداية، تمّت الرقمنة من قبل «المكتبة الوطنية» في فرنسا، وفهد يعمل على كل التفاصيل لتكون الأعمال صالحة للطباعة، والآن يتمّ وضع اللمسات الأخيرة عليها. سنقوم بطرح «سي. دي» بعد أن ينتهي فهد رياشي من العمل عليه مطلع السنة المقبلة، والمرحلة الأخيرة ستكون طباعة «الفينيل» ولكن في مرحلة مستقبلية غير محدّدة حتى اليوم».
يعلن الأشقر أنّ هذا العمل هو نتيجة الحصول على خمسين أسطوانة من عائلة الزعني قبل خمس سنوات، «سبب التأخير هو كلفة العمل. حصلنا على مساعدة من «آفاق»، لكن طبعاً المبلغ لا يكفي للانتهاء من المشروع، ونحن نتّكل على أنفسنا. من خلال بيع الكتاب، سنسدّد تكاليف معيّنة. ننتهي من عمل لنموّل من خلاله عملاً آخر. هذه استراتيجيتنا في النادي».
سبق لقعبور أن قدّم ألبوماً بعنوان «أحمد قعبور يغني عمر الزعني» (إنتاج النادي) يتجاور فيه التراثي والحداثي والشرقي والغربي. بمزيج من الطرافة والمرارة والرقّة، تعكس الأسطوانة واقعاً تكرارياً تخاله قدراً في وطنٍ هيولانيّ، وعاصمةٍ تضيق بأهلها. إذ اختار عشر أغنيات وأعاد صياغتها موسيقياً: «نعمل على نتاج وإبداعات عمر الزعني منذ سنوات، وتابعت كلّ الأنشطة مع «نادي لكلّ النّاس». ما زالت أغنيات الزعني راهنة ولم تفقد قيمتها مع الوقت، وتستحقّ أن يُعاد تسجيلها بموافقة عائلته وهذا ما حصل. أعدت تسجيل عشر أغنيات بصوتي، ومن بين الأغنيات اثنتان كتبهما الزعني من دون أن يلحنهما هما «ما بهوى حد» و«إن قلت أيوا وان قلت لأ» فقمت بتلحينهما».
نسأل رياشي عن طبيعة عمله على مشروع عمر الزعني، فيجيب: «عملي يتمحور حول الترميم والإتقان. بعد ترقيم الأعمال التي كانت مشوّهة صوتياً بشكل كبير، أجرينا الترميم. نحن اليوم في صدد العمل على ثلاث أسطوانات (cd) تضمّ نحو 38 أغنية للزعني ستوزّع على الإنترنت أيضاً. بالنسبة إلى أسطوانات الفينيل، فإنها ستأتي في مرحلة لاحقة. المهمّ أنّنا نرمّم هذه الأغنيات الـ38 ليستطيع الناس الاستماع إليها والاستمتاع بها».