عاطف الحاج سعيد

يُقارب الروائي السوداني عاطف الحاج سعيد مواضيع الهوية الجنسية والوطنية والهجرة واللجوء في «شمسان على النيل» (دار هاشيت/ نوفل). تسرد الرواية قصة الشاب شمس الدين ورحلة بحثه عن هويته في مجتمع بطريركي. يعبر من السودان إلى الضفة الأخرى من النيل، وهناك يتحول إلى أنثى اسمها شمس. تبدأ شمس حياتها الجديدة في القاهرة، وتلتقي بمُهمّشين آخرين يبحثون عن أحلامهم وهوياتهم بدورهم، وينتظرون مغادرة النهر نحو البحر لتحسين ظروف حياتهم. في القاهرة تستعيد شمس ذكريات الماضي الأليم حين كانت لا تزال شمس الدين، فتتذكر زوربا السوداني أيام الجامعة، ورقة والدتها وقسوة والدها. لكن الصوت الذي يرافقها دائماً هو صوت جدَّتها مريم التي عاشت طوال حياتها ضحية للمجتمع الأبوي، قبل أن تموت ضحية للاستعمار البريطاني.

كريم جمال


يتناول «أم كلثوم والمجهود الحربي» (دار تنمية) سيرة «كوكب الشرق» الوطنية التي حوّلتها في الوعي الشعبي إلى أحد الأهرام القومية المصرية. لعبت أم كلثوم أدواراً عدّة في تاريخ مصر الحديث، واختلفت وتنوعت صُور حضورها بما يتناسب مع كل مرحلة، لكن بعد نكسة عام 1967، استطاعت تجنيد صوتها الجبّار كرمز للإرادة المصرية التي أبت الانكسار، وكنموذج للفنان الذي لم توهن عزيمته الشِدّة ولم تُسكت له صوتاً. هكذا أصبحت «ثومة» صورة جديدة للآلهة المصرية «إيزيس» التي بُعثت هذه المرة من تحت ركام المعركة، لتُدرك حدود الواجب وتُقدِّر حجم المأساة، فهبت واقفة وراء المجهود الحربي تجوب الكرة الأرضية من مشرقها إلى مغربها، في محاولة للبعث وإعادة الروح إلى «أوزوريس»، ذلك الإله المتجسد في الشعب الذي منحها هالات القداسة، ورفعها إلى مصاف أنبياء الوطن وبطلات السِيَر الشعبية.

حلمي النمنم


«ربط البعض منّا بين بعض الممارسات في التاريخ الإسلامي والإسلام نفسه، وهؤلاء يتصورون أننا حين نتحدث عن ظلم سليم الأول للمصريين واستيلائه على أموالهم وديارهم، فإنّنا بذلك نمس الإسلام ذاته. ولذا فهم حين يتحدثون، يذكرون فقط ما يعتبرونه مفاخر العثمانيين، مثل وصول جيوشهم إلى أبواب فيينا وفتح القسطنطينية، ويغضون الطرف عما دون ذلك». اختار حلمي النمنم في «أيام سليم الأول في مصر» (دار الكرمة) أن يقف أمام لحظة دخول العثمانيين إلى مصر. كيف تم هذا الفتح؟ وما الذي وقع خلاله؟ وكيف كانت مصر قبله؟ ثم كيف أصبحت بعده؟ الكتاب قراءة ممتعة ومتعمقة في لحظة تاريخية عاشتها مصر وعاشها أبناؤها، لحظة نتجاهلها باستمرار أو نهرب منها، ثم جاء بعضهم محاولين تجميل هذه الصورة، متناسين أنها حتى بمقياس ذلك العصر، كانت لحظة مهينة لمصر وللعرب جميعاً.

منير الحايك


شاهد زور أم بطل؟ صفتان تتأرجح بينهما شخصية مصطفى بطل «جامع أعقاب السجائر» (الفارابي) لمؤلفها منير الحايك. تدور معظم الأحداث خلال الستينيات وصولاً إلى الحرب الأهلية اللبنانية، مروراً بعامَي 1971 و1974، حيث سُجن البطل مصطفى بعدما أدلى بشهادة زور في المحكمة. يتخلل الرواية سرد لقصص شخصيات ثانوية ترتبط بالشخصية الأساسية بطريقة أو بأخرى. هي شخصيات عادية، لكن يتبين في ما بعد أنّها لعبت دوراً بطولياً في مرحلة ما من حياتها. يُجري الكاتب مقارنة بين الأمس واليوم ويستحضر لقطات سريعة لأحداث معاصرة، تحديداً في ما يتعلق بانهيار سعر صرف الليرة وتقنين ساعات الكهرباء وأزمة البنزين لإبراز أوجه الشبه بين الحرب الأهلية والحرب الاقتصادية التي يعيشها لبنان اليوم.

هيرفي لو تلييه


يتقاطع المنطقي والعجائبي في رواية هيرفي لو تلييه «الخلل» (دار غاليمار ــــ 2020 ) الفائزة بجائزة «غونكور» والصادرة أخيراً بترجمتها العربية عن «دار الآداب» (ترجمة محمد آيت حنا). تحكي الرواية عن حادث يقع في شهر حزيران (يونيو) 2021 لمجموعة من الرجال والنساء، لا يجمعهم شيء سوى أنهم ركّاب على متن طائرة تتعرّض لخلل تقني جرّاء عاصفة هائلة أثناء رحلة جوية تربط نيويورك بباريس. وعلى إثرها تتغير حياة الركاب ووجه العالم أيضاً. يمزج هيرفي لو تلييه بين الثريلر والرواية النفسية الغرائبية والخيال العلمي، ويجمع تشكيلة عجيبة من الشخصيات التي تعتقد أنها تعيش حياة سريّة. الرواية عبقرية البناء وتدفع القارئ إلى سبر الأغوار العميقة من نفسه.

غزافيي دوميستر


ما الذي يمكن أن تفعله فينا العزلة؟ هل ستجعلنا نُبدع أدبياً وفنياً أم أننا سنقضي الوقت في تأمل السقف والحلم بالخروج من المنزل؟ مرّ الكاتب الفرنسي غزافيي دوميستر بتجربة شبيهة بما مررنا به في أزمة كورونا، فكيف كانت النتيجة؟ «رحلة حول غرفتي» (1794) الذي انتقل أخيراً إلى العربية (منشورات المتوسط ــ ترجمة أيمن حسن) كتاب فلسفي وفكاهي. في هذا النص السردي البديع، يتتبع البطل نفسه وهو يرتدي ملابس السفر ويرتحل من سريره الوردي والأبيض إلى كرسيه، ثم إلى مكتبه، محكوماً بالإقامة الجبرية لمدة 42 يوماً في عام 1790 بسبب مبارزة مع ضابط زميل عشية كرنفال. يمكن اعتبار الكتاب لحظة أدبية وحداثية فريدة من نوعها من خلال جمعها بين عقلانية فكر الأنوار الذي هيمن على القرن الثامن عشر، والرومنطيقية التي ستولد في أواخر التسعينيّات من هذا القرن، وبداية القرن التاسع عشر.