في عام 1963، ابتلعت عنايات الزيات علبة حبوب منومة كاملة معلنةً احتجاجها على العالم بالانتحار. لم يكن معروفاً عنها وقت انتحارها قبل أن تبلغ الثلاثين، سوى أنّها الصديقة الحميمة للفنانة نادية لطفي، وأنها تكتب القصة القصيرة، ونشرت بعض المحاولات. لم يكن انتحارها يهم أحداً وقتها، ولم يسأل أحد عن الأسباب. بعد أربع سنوات، تحديداً عام 1967 عادت عنايات إلى الضوء لبعض الوقت بعدما أصدرت «دار الكاتب العربي للطباعة والنشر» روايتها الوحيدة «الحب والصمت» بمقدمة للدكتور مصطفى محمود.

قدمت الرواية «قصة نضال جسور من أجل الحرية» بحسب تعبير محمود أمين العالم، واعتبرتها لطيفة الزيات «وثيقة اتهام للبشرية، اتهام للإنسان الذي يطوي يده بعد طول ابتهال ويتحسر في سجن الصمت». لم يتوقف النقاد كثيراً أمام الرواية، أو أمام تجربة صاحبتها، إذ صدرت الرواية قبل شهرين من هزيمة يونيو 67. منذ سنوات، اكتشفت الشاعرة المصرية إيمان مرسال «الحب والصمت» على سور الأوزبكية للكتب المستعملة. صارت الزيات هاجساً لدى صاحبة «ممر معتم يصلح لتعلم الرقص»، ليتحول الهاجس إلى رحلة بحث تقتفي فيه أثر الكاتبة المنتحرة بسبب «زواج فاشل»، و«رفض كل دور النشر روايتها لتشعر بصدمة أسكتتها تماماً عن الكلام والقراءة والكتابة، ثم تبدأ في الانعزال وتغلق على نفسها الأبواب».
وكما فعلت في كتابها «كيف تلتئم: عن الأمومة وأشباحها»، تتنقل مرسال بين أنواع أدبية مختلفة؛ من حوارات مع مَن عرفوا الزيّات في حياتها إلى البحث في أرشيف المرحلة، ومن قراءات للرواية إلى تخيّل فانتازي لشخصيّة الزيّات لو كانت حيّة في زماننا. لا تكتب مرسال قصة حياة، بقدر ما تطرح أسئلة عن التاريخ الأدبي، والخطابات المهيمنة على كتابة المرأة في لحظتها التاريخية. يصدر الكتاب قريباً عن «دار الكتب خان»، مصحوباً بطبعة جديدة من رواية «الحب والصمت». (الصورة من أرشيف إيمان مرسال)