اليوم وانا في فراشي بثلاثة اضلع مكسورة، وقعت عيني مصادفة على خبر رحيل فالح عبد الجبار. فالح المفكر الشهم المناضل صاحب أروع سيرة وانبلها لمثقف عراقي. ايقونة حقيقية ليس فقط لاجمل ما في العراق، بل وعد صحيح بنهضة عرببة. كان فالح عبد الجبار في لندن وبيروت كما كان في بغداد وجبال كردستان مثال الشيوعي حين كان للشيوعي بعد مثال. كان هذا المثال واصلاً الى نهايته. عندها لم يهزم فالح، بل بقي ابن عصره وابن شعبه وثقافته التي حولته الى مواطن عالمي. يأتيني خبر فالح وانا أعاني من كسر ثلاثة ضلوع، فاشعر أنّ ضلعاً رابعاً ينكسر في داخلي وافكر في فاطمة التي حمل من سنوات هم مرضها. أي ضلع انكسر اليوم في صدر فاطمة الناقدة اللماحة؟ وأي فراق وقع عليها؟ وهل لمأساة المثقف العربي المتشرد من نهاية؟ فالح اسمعك ثانية وانت تتحدث عن فيورباخ وأراجع ترجمتك النفاذة لـ «رأس المال». واعرف كم كنت مسايراً لعصرك وأي نضج فهمت به مصير الاشتراكية. لم نلتق من وقت، وليس لي اليوم الا ذلك الخبر القصير في الفايسبوك. ماذا اقول لك أيها العراقي الجميل الذي حمل في وجهه امارات اساتذته الفلاسفة ومعلميه؟ ماذا اقول لواحد من القلة الذي يستحق اسم مفكر لكن يستحق أيضاً وبالدرجة نفسها اسم انسان؟ عباس بيضون


«في الثالث من تشرين الثاني، ٢٠٠٤، قرأ هوكنغ، العالم الرائد، وصاحب كتاب «تاريخ موجز للزمان» أسماء المدنيين العراقيين الذين قتلوا في الحرب ضد العراق في العام السابق. وشرح أسباب قدومه إلى لندن ليشترك في القراءة. قال عبر جهاز تحوير الصوت الذي كان يستخدمه للتواصل: «تأسست الحرب على كذبتين، وإنها لمأساة لكل العوائل. إن لم تكن هذه جريمة حرب، فما هي إذاً؟». ثم أضاف «أعتذر على طريقة لفظي. لم يصمّم جهاز تحوير الكلام للفظ أسماء عراقية».
للذين يفصلون بين العلم والمعرفة وبين السياسة والمواقف الأخلاقية. لعلّهم يتفكّرون! ويتذكّرون أسماء الموتى في الحروب التي طبلوا لها!
سنان أنطون

حياة
كانَ، تقريباً، يبدِّدُ الوقتَ
رسمَ إناءً
رسمَ زهرةً في الإناء
وطلعَ عطرٌ من الورقة،
رسمَ كوبَ ماء
شربَ رشفةً
وسقى الزهرة،
رسمَ غرفةً
وضعَ في الغرفةِ سريراً
ونام
... وحينَ استفاقَ
رسمَ بحراً
بحراً عميقاً
وغَرِقَ.
وديع سعادة