قبل أيّام، حلّت السنويّة الثانية لتحرير الموصل من قبضة «داعش». حدثٌ يلازم أي حديث عن إعادة إعمار المناطق المحرّرة عموماً، و«عروس الشمال» خصوصاً، لما تعرّضت له من دمار إبّان تحريرها. حديثٌ من شأنه فضح ادعاءات «حكّام بغداد»، من دون استثناء أيٍّ منهم، في ظل عجزهم عن تقديم أبسط الخدمات إلى شعب عانى أقسى أنواع التهميش من هذه الطبقة طوال الأعوام الـ13 عاماً الماضية. الملف الشائك، في وصف المتابعين، أقرب ما يكون إلى «مغارة» لا يُعرف ما بداخلها، سوى أن عدداً من «اللصوص» يتأهبون لنهب ما فيها. هؤلاء، وهم طبقةٌ حكمت «عراق ما بعد صدام»، يتّصفون بسوء تخطيط وإدارة، أدى بهم إلى إضاعة كل ما رُصد لإعمار البلاد، ليخسروا بذلك أيّ دعم للشعب من أجل النهوض بدولة تملك من الخيرات ما يمكن أن تنافس به دول المنطقة. سياسيّاً، في إعادة الإعمار مساحَةُ مناورة لبعض الشخصيات الساعية إلى مدّ جسور زعامتها عبر توافق محلّي ـــــــ إقليمي، على حساب المواطن الباحث عن لقمة عيشه. كل ذلك يجري و«داعش» في المقابل يهيّئ نفسه للعودة مستنداً إلى بيئة تراه معوّضاً عن دولة غائبة، وحكّام فاسدين استرخصوا دماء شباب محتّم عليهم الانتظار طويلاً لرؤية «العُراق» (كما يعبّر الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري)