لم يكن الاتفاق على رفع سقف الدين العام الأميركي ليمر لولا حصول تسوية بين الديموقراطيين والجمهوريين، أتاحت المجال أمام خطة الرئيس باراك أوباما الهادفة إلى معالجة الأزمة الاقتصادية، من أجل إقرارها في مجلس النواب أول من أمس، قبل التصويت عليها في مجلس الشيوخ في وقت متأخر من ليل أمس.التسوية، التي جرى التوصل إليها مساء الأحد الماضي بين البيت الأبيض والزعماء الديموقراطيين والجمهوريين في الكونغرس، كانت محور معالجة لدى صحيفة «إندبندنت» البريطانية، التي عنونت أمس بأن «أوباما اضطر إلى ابتلاع مطالب حزب الشاي من أجل التوصل إلى اتفاق».
وكتب مراسل الصحيفة لدى واشنطن، دايفد أوسبورن، أن الرئيس الأميركي الذي حاضر مرة في أوروبا عن كيفية الإنفاق والاستثمار كأفضل طريقة لعلاج مشكلة الركود، كان أمس يفكر في تطورات اتفاق سقف الديون الطارئ الذي سيمتص أكثر من 2 تريليون دولار على مدى 10 سنوات مقبلة.
وتروي الصحيفة أن امتيازات هائلة من البيت الأبيض أُعطيت لإرضاء مطالب هائلة تقدّم بها حزب الشاي (الجناح الراديكالي للجمهوريين)، معتبرة أن هذه الامتيازات أو المنح كانت بمثابة المفتاح الذي أدى إلى فتح باب الاتفاق، ومن ثم موافقة مجلس النواب عليه.
وكانت النائبة ميشال باكمان التي أعلنت خوضها الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لاختيار مرشحه للرئاسة تحت راية «حزب الشاي»، قد ندّدت بهذه التسوية، وقالت إنها تتضمن «نفقات كثيرة واستقطاعات غير كافية»، مضيفة «على أحد أن يقول لا. وهذا ما سأفعله». ولا يشمل الاتفاق أي زيادة ضريبية تحت أي شكل، الأمر الذي قد يثير اعتراض الجناح اليساري للحزب الديموقراطي. ونص على ضرورة القيام بإجراء خفوضات كبيرة في الإنفاق في مقابل الحصول على إذن جديد لرفع سقف الديون.
وتنقل الصحيفة البريطانية أن أوباما شدد على مطالبه بأن الاتفاق يتمتع بـ«توازن» بين خفض الإنفاق ورفع إيرادات الضرائب، معتبرة أن برنامج التقشف الجديد للولايات المتحدة يسير ضد غرائز الديموقراطيين وزعيمهم. إجراءات جديدة صارمة تهدف إلى خفض النفقات 2.3 تريليون قبل 2021، ستعطّل قدرة أوباما على الحصول دعم اقتصادي أو إطلاق برنامج عمل معقول ينبغي أن يكون محور جهوده لضمان إعادة انتخابه.
وأقرّ النواب المشروع بغالبية 269 صوتاً مقابل 161، بعد يوم من الغموض حيال إمكان تبنّي النص في مجلس النواب، وخصوصاً بسبب تردد عدد من الديموقراطيين غير الراضين عن التنازلات المقدمة من جانب الرئيس، بينما يطالب أعضاء «حزب الشاي» باستقطاعات ضخمة من نفقات الدولة الفدرالية، والذين يعارض بعضهم حتى أي رفع لسقف الدين.
وتميّز التصويت بعودة النائبة الديموقراطية غابرييل غيفوردز ــــ إلى جانب زملائها ــــ بعد أشهر على إصابة بالغة تعرضت لها خلال إطلاق نار أودى بحياة ستة أشخاص في أريزونا (جنوب غرب) في كانون الثاني الماضي.
وينص الاتفاق الذي توصل إليه الرئيس الأميركي والكونغرس، الأحد الماضي، بعد مفاوضات شاقة، على رفع سقف الدين بـ2100 مليار دولار على الأقل ليبلغ 14300 مليار، مع خفض النفقات بمقدار 2500 مليار على مرحلتين.
وتعتبر الصين من أكبر دائني الولايات المتحدة، ووصلت قيمة سندات الخزينة الأميركية التي تملكها في أيار 2011 إلى 1160 مليار دولار، حسبما تفيد أرقام واشنطن. وكانت وسائل الإعلام الرسمية الصينية قد حذرت الأسبوع الماضي من أن التوتر في موضوع الدين يمكن أن يؤدي إلى تراجع قيمة الدولار ويزيد التضخم العالمي ويغرق العالم في الركود. أما رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، فقد رأى أن الولايات المتحدة «تتطفّل» على الاقتصاد العالمي من خلال تجميعها الديون الهائلة التي تهدّد النظام المالي العالمي.
(الأخبار، أ ف ب)