ملف
باريس | فور انتشار خبر استعداد وكالة «ستاندرد أند بورس» لخفض التصنيف الائتماني لفرنسا، مساء الجمعة الماضي، عُقد في الإليزيه اجتماع طارئ وصفته وسائل الإعلام الفرنسية بـ «مجلس الحرب»، وذلك للتدليل على الانعكاسات الوخيمة التي يتوقع الفريق الرئاسي أن يؤدي إليها هذا القرار، ليس فقط على صعيد الاقتصاد، بل أيضاً ـ وأساساً ـ على المستوى السياسي. فهو يأتي في توقيت حرج تستعد فيه البلاد لاستحقاق الانتخابات الرئاسية، التي ستجري بعد أقل من مئة يوم. وغلب على تعليقات وتحاليل الخبراء الفرنسيين الانطباع أن المتضرر الأكبر من هذا القرار لن يكون اقتصاد فرنسا، بل رئيسها. أما الرئيس ساركوزي، فإنه يواجه وضعاً لا يُحسد عليه. فقد بذل الفريق الرئاسي، منذ عامين، جهوداً مضنية لتفادي خفض التصنيف الائتماني. لذا، أقدمت الحكومة على حزمة من الإصلاحات الهيكلية القاسية، ومن أبرزها تعديل سن التقاعد من 60 إلى 65 سنة، ما أثار موجات عارمة من الاحتجاجات الاجتماعية، التي جعلت شعبية الرئيس تتراجع إلى أقل من 30 بالمئة. ثم تلت ذلك خطتان حكوميتان من إجراءات التقشف، بهدف تقليص الدين العام.

وقُوبلت تلك البرامج التقشفية بالكثير من الانتقادات من قبل المعارضة اليسارية، التي رأت فيها «ارتهاناً للسيادة السياسية، لنيل رضى وكالات التصنيف الائتماني». وأيد تلك الانتقادات العديد من الخبراء ذوي التوجه الليبيرالي، الذين رأوا أن الإجراءات التقشفية ستأتي بمفعول عكسي. فهي تقلّص الدين العام على الصعيد الفوري، لكنها تتسبب في ركود اقتصادي سيؤدي إلى انكماش سوق الشغل، وتسريح المزيد من العمال لاحقاً. وكان ساركوزي قد تدخل شخصياً لدعم إجراءات التقشف، مراهناً بأنه إذا نجح في تفادي خفض التصنيف الائتماني الفرنسي، سيظهر أمام الرأي العام في صورة رجل الدولة القوي. وهذا ما يفسر الصدمة التي مثّلها قرار «ستاندرد أند بورس» بالنسبة إلى الفريق الرئاسي الفرنسي، وخصوصاً أن الوكالة عابت على إجراءات التقشف التي اتخذت عدم مراعاتها ضرورة الموافقة بين خفض الدين العام والحفاظ على النمو الاقتصادي.
واغتنمت المعارضة هذه الانتقادات التي عبّرت عنها الوكالة، للقول إن القرار يُعدّ خفضاً لـ «التصنيف الائتماني لساركوزي من «سوبر ـ رئيس» إلى «رئيس فاشل». وتصدّر غلاف صحيفة «ليبراسيون» اليسارية عنوان بهذا المعنى أُسقط فيه حرف A من اسم ساركوزي، على غرار الحرف الذي أُسقط من التصنيف الائتماني الفرنسي.