يوم الخميس الماضي، حُكم على ألكسي نافالني، أحد أبرز المعارضين الروس، بالسجن خمس سنوات مع دفع غرامة بقيمة 500 ألف روبل في قضية اختلاس أموال. بعد إعلان الحكم، نزل آلاف المواطنين الى شوارع موسكو احتجاجاً على قرار محكمة كيروف. وبعد يوم على إصدار الحكم، قبلت المحكمة طلباً من الادعاء بأن يخرج نافالني من الحجز الى حين النظر في الاستئناف المقدّم من جانبه، وقالت إن حركته ستكون مقيدة، الأمر الذي اعتبره بعض المحللين «محاولة لامتصاص غضب الشارع والحدّ من التظاهرات».
نافالني (37 عاماً)، الذي يحاكم منذ شهر نيسان الماضي، متّهم بتنظيم عملية اختلاس 16 مليون روبل (400 ألف يورو) في مشروع استثماري في غابات منطقة كيروفليس عندما كان مستشاراً لحاكم المنطقة الليبرالي عام 2009. لكن نافالني ادّعى بأن تهمته هي سياسية بحتة، يقف وراءها رئيس البلاد شخصياً.
أما المتهم مع نافالني، رجل الأعمال بيوتر أوفيتسيروف، مدير شركة باعتها شركة كيروفليس العامة للخشب بسعر أدنى من سعر السوق بحسب الادعاء، فقد حكم عليه بالسجن أربع سنوات.
وانتقدت «منظمة العفو الدولية» في بيان «المحاكمة المهزلة»، ورأت أن «هذا مثال فاضح للطريقة التي تستخدم فيها السلطة الروسية القضاء الجزائي من أجل ترهيب المعارضة السياسية والمجتمع الأهلي، ما يعني تراجعاً ملحوظاً لحرية التعبير في روسيا». كما انتقدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا وبريطانيا وألمانيا الحكم على نافالني بشدة. وكتب السفير الأميركي في موسكو، مايكل ماكفول، في تغريدة على موقع «تويتر» «نحن نشعر بخيبة أمل شديدة بسبب الحكم على نافالني والدافع السياسي كما يبدو لمحاكمته».
ونافالني هو إحدى الشخصيات المعارضة التي برزت في تظاهرات عام 2011 الاحتجاجية على نتائج الانتخابات التشريعية التي فاز بها حزب «روسيا الموحدة». تخرّج في التسعينيات من جامعة موسكو ونشط في حزب يابلوكو الليبرالي المعارض، قبل أن يطرد منه «لمواقفه المفرطة في القومية». هو خطيب بارع، ويتواصل باستمرار مع مؤيديه عبر مواقع التواصل الإلكتروني. وقام في السنوات الماضية بنشر فضائح تتعلق بفساد بعض المسؤولين الروس على الإنترنت. لكن نافالني نفسه متهم في عدة قضايا احتيال أخرى.
وقرر المعارض الروسي أخيراً الدعوة الى مقاطعة انتخابات رئيس بلدية موسكو في أيلول المقبل، التي كان مرشحاً لخوضها في منافسة لرئيس البلدية المنتهية ولايته سيرغي سوبيانين المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ونفى نافالني ارتكابه أي جرم، وقال إن «الرئيس الروسي يقف وراء سجنه لأنه يريد أن ينحّيه بعدما ظهر كمنافس سياسي له».
ووصف الاتهامات الموجهة له بأنها «سخيفة» لأن «حوالى نصف المبلغ الذي اتهم باختلاسه دفع للمؤسسة، والباقي كان يشكل احتياطي الشركة التي قامت بالصفقة ولم يكن مستفيداً منه».
وخلال المحاكمة، أعلن المعارض أنه «ليس لديه أي شك» بأن بوتين «سيعطي شخصياً تعليماته للمحققين». ودعا نافالني الى تجمّعات مساء الخميس الماضي في موسكو وسان بطرسبورغ وفي مدن روسية أخرى.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)