على طريق التخلص من جميع أفكار ونتاج الجمهورية العلمانية التركية، اجج رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، مخاوف الاوساط العلمانية حيال رؤيته الاسلامية للمجتمع، وذلك باتهامه مؤسسي الجمهورية بجعل البيرة المشروب الوطني، فيما الشعب التركي يفضل، على حد قوله، «مشروب العيران المصنوع من اللبن والخالي من الكحول». وكان اردوغان قد قال، مساء الجمعة في ندوة عقدت في إسطنبول حول السياسات المتعلقة بالمشروبات الكحولية، «من المؤسف أنه في السنوات الاولى للجمهورية قدم مشروب كحولي مثل البيرة على أنه مشروب شعبي تركي، فيما مشروبنا الشعبي هو العيران». واضاف اردوغان، في تصريحات نشرتها الصحف التركية السبت، «وصل الامر إلى حد أن بعض الاسر بدأت في اعطاء البيرة للأطفال في المرحلة الابتدائية بدافع أنها جيدة للصحة ومغذية». وأوضح أن السنوات الأولى للجمهورية التركية، وفترة الحزب الواحد الذي كان يحكم تركيا وهو حزب الشعب الجمهوري، كانتا السبب في تعويد الشعب التركي المشروبات الكحولية، وخاصة العرق، وجرى تسويقه على أنه المشروب القومي للأتراك. وأضاف أردوغان أن المشروب القومي للأتراك هو اللبن لا العرق الذي ستسعى الحكومة إلى الحد من استهلاكه من خلال منع الإعلانات والدعايات الخاصة بالعرق والمشروبات الكحولية في الصحف التركية. وحمل اردوغان ايضاً على الذين يقودون السيارة وهم سكارى «ما يتسبب بموتهم»، كما حمل على القواعد التي تسمح للطلاب باحتساء الخمر «حتى الثمالة» داخل الجامعات.
وكرر رئيس الوزراء هذه التصريحات السبت، موضحاً امام مجموعة من رجال الاعمال، أن جده طالب بجعل العيران المشروب الوطني «حتى يكون للامة جيل سليم الصحة».
وأثارت تصريحات اردوغان ردود فعل مختلفة في وسائل الأعلام ومواقع التواصل الأجتماعي، حيث أيدتها وسائل الأعلام الموالية للحكومة، فيما انتقدتها وسائل الإعلام المستقلة والمعارضة، وقالت عنها إنها محاولة من أردوغان لإبعاد أنظار الرأي العام التركي عن الصفقة التي وقعتها الحكومة مع حزب العمال الكردستاني.
وعلق أحد المواطنين في تغريدة على موقع «التويتر» أن أردوغان يريد لنا أن نشرب اللبن الذي ينومنا حتى يفعل ما يشاء بنا، فيما نحن نريد أن نشرب العرق حتى نبقى صاحين لنرى ماذا يريد أن يفعل. وأضاف مغرد آخر «لا ينقص سوى اعلاننا من الخائنين للامة لاننا لا نشرب العيران».
يذكر أن الأتراك يسمون العرق المشروب القومي ويسمونه الحليب الأسود، كما يستهلك الأتراك رجالاً ونساءً العرق بكميات كبيرة ليس فقط في المطاعم، بل في البيوت أيضاً. وكانت الحكومة التركية قد منعت الإعلانات والدعايات التي تروج للكحول في الاذاعات والتلفزيونات قبل سنوات. وأوقفت العديد من البلديات التي يحكمها حزب العدالة والتنمية الرخص الخاصة بييع المشروبات الحكولية، كما منعت على المطاعم والكافيتيريات بيع المواد الكحولية القريبة من الجوامع. وتشهد العديد من المحافظات التركية المتدينة، وخاصة في وسط الأناضول وشرقها، ظاهرة غياب المشروبات الكحولية من الدكاكين والمطاعم، حيث يضطر أهالي هذه المدن إلى شراء هذه المشروبات من الولايات القريبة منهم.