إسطنبول | منذ وصوله إلى المنصب الأول في الجمهورية التركية، لم يتوانَ الرئيس رجب طيب أردوغان عن إثبات رغبته في تغيير «وجه» تركيا. هذا الكلام ليس طارئاً، وهو يعود إلى قبل عقدٍ، حين تولّى حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي الحكم في تركيا العلمانية.
طوال تلك السنوات، كان هذا السجال يخفت أو يقوى بحسب الظروف، لكنّ نية أردوغان تعزيز صلاحياته عبر تحويل تركيا إلى النظام الرئاسي، بالإضافة إلى تعيين المقربين منه في المناصب الرئيسية في البلاد، كذلك حملة «تطهير» مرافق الدولة من أعدائه، تعني أن الرجل يريد أن يحكم سيطرته على كل «زاوية» في تركيا. الجديد اليوم، أنه بعدما باتت «شمولية» أردوغان إحدى المسلّمات في البلاد، يبدو أن الرئيس المنتخب بدأ بتنفيذ نياته في هدم كل ما يرمز إلى «تركيا أتاتورك» وبناء أخرى تشبهه وحزبه، بدءاً من تغيير مكان إقامته في قصر شنقايا الرئاسي، القصر الذي سكنه رؤساء تركيا منذ قيام الجمهورية. إذ أسرّ الرئيس رجب طيب أردوغان، أخيراً، ما كان يضمره ويخطّط له منذ فترة طويلة. هو أعلن أمس أنه لن يسكن في قصر شنقايا الرئاسي التاريخي، وأنه سيقيم في المبنى الجديد لرئاسة الوزراء. فيما أضاف الرئيس الذي جرى انتخابه في العاشر من آب الفائت، أن القصر سيخصّص لرئيس الوزراء كمكان إقامة وعمل.
هذا الإعلان أثار نقاشاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، لكون هذا القصر يُعدّ رمزاً للجمهورية التركية التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك عام ١٩٢٣، وسكن آنذاك في القصر الذي تحوّل في ما بعد إلى مقرّ إقامة كل رؤساء الجمهورية التركية. ورأى حزب «الشعب الجمهوري» القرار الأخير لأردوغان «محاولة جديدة منه للقضاء على رموز الجمهورية التركية العلمانية ليقيم بدلاً منها دولته الإسلامية». وكان أردوغان قد أمر قبل عامين ببناء مقرّ جديد لرئاسة الوزراء في الأراضي التابعة لما يسمى «مزرعة أتاتورك التاريخية». حينها، أصدر عدد من المحاكم قرارات لمنع البناء إلا أن الحكومة لم تبالِ بهذه القرارات واستمرت ببناء المبنى الذي سيفتتحه أردوغان قريباً. وكانت زوجة أردوغان، السيدة الأولى أمينة، قد قالت قبل فترةٍ إنها «لن تسكن في المبنى المعفّن»، في إشارةٍ إلى أن قصر شنقايا قديمٌ جداً. وكان رئيس الجمهورية السابق عبد الله غول قد صرف ١٥ مليون دولار على ترميم وتجهيز المبنى وتحديثه، بعد توليه رئاسة الجمهورية عام ٢٠٠٧.