بعد حملة التنديد والغضب الأوروبي والصيني، عاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في آخر تغريداته، إلى خفض السقف، واعداً «الأصدقاء الحقيقيين» بالـ«مرونة». وكتب على موقع «توتير»: «علينا أن نحمي ونبني صناعات الفولاذ والألومنيوم لدينا مع إبداء مرونة كبيرة وتعاون مع من هم أصدقاؤنا الحقيقيون ويعاملوننا معاملة منصفة في مجالي التجارة والدفاع».
وأضاف أنه سيلتقي مسؤولي القطاع في البيت الأبيض، في حين كان من المنتظر أن يُصدر رسمياً أمس قرار فرض رسوم تبلغ 25 في المئة على واردات البلاد من الفولاذ و10 في المئة على الألومينيوم. إلا أن مسؤولاً في البيت الأبيض قال إن هذا قد «يتأجل إلى غد الجمعة (اليوم)، لأن الوثائق ينبغي أن تجتاز عملية يفرضها القانون أولاً»، ليحيي الرئيس الأميركي، بذلك، شبح «حربٍ تجارية» بين الولايات المتحدة وعدد من حلفائها، بدءاً بكندا أول شريك تجاري ومصدِّر للفولاذ.
في هذا السياق، نقلت وكالة «رويترز» عن مصدر مطلع قوله إنّ من المقرر «إطلاق مراسم توقيع ترامب على وثيقة بفرض هذه الرسوم الساعة الثالثة والنصف عصراً بتوقيت واشنطن». ورداً على موجة التنديد التي أثارها إعلان ترامب، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، ساره ساندرز، أول من أمس، إنه قد تكون هناك بعض «الاستثناءات» للمكسيك وكندا ــ شريكتي الولايات المتحدة في اتفاق التبادل الحر (نافتا) الذي يعاد التفاوض بشأنه. وقالت: «ربما (ثمة) دول أخرى».

بكين تنتقد التصريحات:
الحروب التجارية علاج خاطئ


كذلك نقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن مسؤولين في الإدارة الأميركية قولهم إنه سيتم «إعفاء كندا والمكسيك لثلاثين يوماً، ويمكن تمديد هذا الاستثناء بعد ذلك في حال تحقيق تقدّم في المفاوضات حول نافتا».
ومع اقتراب موعد الإعلان، نُقِل عن المفوّض الأوروبي للاقتصاد والشؤون المالية، بيار موسكوفيسي، قوله، في حديث إذاعي، إنّه «إذا ثبّت ترامب هذه الإجراءات، عندها لدينا ترسانة كاملة». وتشمل الإجراءات الأوروبية عدداً كبيراً من العناصر، إذ تنصّ الإجراءات الأولية التي قدّمتها المفوضية، أول من أمس، على «إجراءات مضادة تتعلق بامتيازات تمّ الاتفاق عليها بشأن منتجات، بينها البرتقال والتبغ والويسكي» الأميركي.
أما الهدف، بحسب موسكوفيسي، فهو الوصول بذلك إلى «منتجات يتم تصنيعها في دوائر» يسيطر عليها «الجمهوريون»، وخصوصاً تلك المرتبطة برئيس مجلس النواب، بول راين، لأن «الهدف هو إفهام الكونغرس أنها خسارة للجميع» على عكس ما حاول ترامب الإيحاء به. وأشار أيضاً إلى «إجراءات إنقاذية» لتجنّب إغراق السوق الأوروبية بكمّيات من الفولاذ لا يمكن تصريفها في الولايات المتحدة، مضيفاً أن المفوضية الأوروبية تحتفظ أيضاً «بحق نقل الخلافات المحتملة إلى منظمة التجارة العالمية».
الحال نفسها كان بالنسبة إلى الصين التي حذّرت من أنّ الجميع سيتضرّون في حال أطلق ترامب «حرباً تجارية»، ملوّحة باحتمال اتخاذ إجراءات مضادة، فيما أظهرت الأرقام الرسمية أن العملاق الآسيوي حافظ على فائض تجاري قوي مع الولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، أعلن وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، خلال مؤتمر صحافي أمس، أنّ بلاده ستعتمد «بالتأكيد رداً مناسباً وضرورياً» في حال فرضت الولايات المتحدة إجراءات تجارية ضدّها. ورأى أنه في ظل «عصر العولمة، إن من يلجأون إلى حرب تجارية إنما يختارون العلاج الخاطئ، لأن جلّ ما يفعلونه هو أنهم يعاقبون أنفسهم»، مضيفاً أن «دروس التاريخ تعلّمنا أن الحروب التجارية ليست أبداً الحل الأمثل لمعالجة مشكلة».
لكن وانغ أبدى مخاوف إزاء الانزلاق في دوامة تخرج عن السيطرة، في وقت تُضاعف فيه واشنطن التحقيقات ورسوم مكافحة إغراق الأسواق ضد العملاق الآسيوي في مجالات عدة تمتد من الغسالات إلى الألواح الشمسية.
وكان ترامب قد «استهجن» أول من أمس عدم التوازن في حجم التبادل بين البلدين، وقال، عبر «تويتر»، إن واشنطن طلبت من الصين خفض فائضها التجاري «الهائل» مع الولايات المتحدة «بنحو مليار دولار»، لكن من دون إعطاء المزيد من التفاصيل. وكتب «نتطلع إلى رؤية ما هي الأفكار التي سيطرحونها. يجب أن نتحرك قريباً».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)