دخل قرار الحكومة الكولومبية بالبدئ بالقيام بإصلاحات حيز التنفيذ، أمس، مع إعلان الرئيس الكولومبي، خوان مانويل سانتوس، إقالة ثمانية من كبار مسؤولي القوات المسلحة، بينهم قادة في سلاح البر والبحر والجو، بعد كشف منظمة «هيومن رايتس ووتش» عن تورّط قيادات عسكرية كولومبية في إعدامات خارج إطار القضاء.وعلّق سانتوس على مسألة الإقالات بالقول إن «هذه التغييرات هي إجراءات عادية وضرورية». وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» قد نشرت في 24 حزيران الماضي تقريراً رفضه الرئيس الكولومبي، أشار إلى علم «العديد من الجنرالات والعقداء بوجود حالات إعدام مدنيين خارج نطاق القضاء»، تمّت «بشكل معمم ومنهجي» بين عامي 2002 و2008.

هذه الفضيحة «كانت تتعلق بعسكريين أدرجوا أسماء مدنيين قتلى باعتبارهم متمرّدين مسلحين قتلوا في معارك، وذلك بهدف الحصول على علاوات وأوسمة»، بحسب وكالة «فرانس برس». وبحسب «هيومن رايتس ووتش»، فإن النيابة العامة الكولومبية تحقق في أكثر من ثلاثة آلاف حالة في الفضيحة نفسها.
ويندرج هذا القرار ضمن سلسلة قرارات من المتوقع أن تتخذها الحكومة الكولومبية لإثبات جديّتها في التوصّل الى حلٍّ نهائي للصراع الذي استمر 50 عاماً، بينها وبين منظمة «القوات المسلحة الثورية الكولومبية» (فارك)، وخصوصاً بعدما أدلت «فارك» بتصريح مفاجئ، يوم الأحد الماضي، يطلب البدء بعملية «الحدّ من صناعة المخدرات» في كولومبيا.
يشار إلى أن الحد من تصنيع المخدرات هو أحد بنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال محادثات السلام التي تعقد بين «فارك» والحكومة الكولومبية في كوبا منذ 27 آب عام 2012.
واللافت في الأمر أن هذا التصريح جاء بعد أيامٍ عدة فقط من إصدار مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) تقريراً يشير إلى أن نسبة زراعة نبتة الكوكا التي تستخدم لصناعة الكوكايين ارتفعت بنسبة 44% في كولومبيا، بالإضافة إلى ازدياد إنتاج كولومبيا للكوكايين بنسبة 52% لتصل إلى 478 ألف طن سنوياً. أما بالنسبة إلى «فارك»، فإن الضرائب على نبتة الكوكا كانت المصدر الأساسي لتمويل حربهم ضد السلطات الكولومبية، والتخلّي عن هذا المصدر قد يعني اتجاه «فارك» نحو التوصل إلى اتفاق نهائي مع الحكومة الكولومبية قريباً.
«إن تطبيق الاتفاقيات المبرمة هو أساساً مسألة إرادة سياسية». بهذه الكلمات، يعبر أحد الممثلين عن القوات المسلحة الثورية الكولومبية في محادثات السلام، كارلوس أنطونيو لوزادو، عن تفاؤله بمسار المحادثات في العاصمة الكوبية هافانا. ويذكر أن القوات المسلحة الثورية الكولومبية «فارك»، أصبحت أكبر وأغنى جماعة متمردة على النظام في كولومبيا منذ أن بدأت بالاستفادة من الأرباح الهائلة التي تحققتها بفضل صناعة المخدرات في السبعينيات والثمانينيات. وبالتالي، فإن الحدّ من هذه الصناعة سوف يضرّ مادياً بالمجموعة.
وبالإضافة إلى الحدّ من صناعة المخدرات، تتضمن الاتفاقية بندين آخرين أساسيين، أحدهما هو ضمان مقاعد لممثلين عن مناطق النزاع في الكونغرس الكولومبي، ليكون «صوت تلك المناطق مسموعاً لدى الدولة»، بحسب وثيقة الاتفاق الجزئي على المشاركة السياسية الذي صدر يوم الأربعاء الماضي.
أما البند الثاني، فهو إصلاح المناطق الريفية المهملة من قبل الحكومة الكولومبية، إلا أنه لم يذكر تفاصيل عن إعادة توزيع الأراضي أو كيفية تمويل الاستثمارات الزراعية. بيد أن وثيقة التزام الحكومة لتعزيز التنمية الريفية الديموقراطية المستدامة والمنصفة، تشير إلى أن الحكومة الكولومبية تؤكد التزامها بتحسين البنى التحتية، والخدمات الطبية والتعليم الرسمي ليشمل كل المناطق الكولومبية.
تجدر الإشارة إلى أن محادثات السلام استمرت بين الطرفين، رغم إطلاق عناصر «فارك» النار، الأحد الماضي، على مروحيتين متجهتين نحو خط لأنابيب النفط في شمال البلاد، كان قد تضرر جرّاء تفجيره من قبل عناصر من «فارك»، بحسب مصادر كولومبية محلية، بالإضافة إلى مقتل 6 أشخاص وجرح 8 آخرين، خلال ثلاثة أيام، في أعمال عنف متصلة بالنزاع بين الحكومة والمنظمة.