نشرت صحيفة «نيويورك تايمز»، قبل أيام، تحقيقاً طويلاً عن عمل «الفرقة 6» التابعة للبحرية الأميركية، التي اشتهرت بقتلها زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، وتحوّلت إلى «وحدة اغتيالات دولية». «فرقة البحر والجو والبر»، التي تختصر بـ«سيلز» (SEAL)، أعدّت مهمات اغتيالٍ دموية، انطلاقاً من قواعد سرية في الصومال، بحسب ما أشارت الصحيفة، التي ذكرت أيضاً أنها انخرطت في القتال في أفغانستان... «بحيث بدت غارقة في الدماء، التي لم تكن دماءها».نقطة الانطلاق كانت عندما أُرسلت مجموعة من الفرقة إلى أفغانستان لمطاردة قادة «القاعدة»، لكنها بدلاً من ذلك أمضت سنوات في خوض معارك ضد مقاتلين عاديين أو أقل من ذلك، بحسب ما ذكر الكتّاب الستة الذين أسهموا في التقرير.

في هذا المجال، أشارت «نيويورك تايمز» إلى أن «الفرقة 6» كانت تستخدم أثناء الغارات السرية، في الليل، أسلحة عدّة راوحت بين البنادق وصواريخ الـ«توماهوك» البدائية. أما حول العالم، فقد توزّع أعضاؤها في مراكز تجسس مموهة داخل سفن تجارية، وتنكر بعضهم على أنهم موظفون مدنيون في شركات عدة، إضافة إلى أن آخرين كانوا عملاء سريين في السفارات، قاموا بمطاردة الأشخاص الذين أرادت الولايات المتحدة التخلّص منهم أو إلقاء القبض عليهم.
كتّاب التقرير لفتوا إلى أن هذه العمليات السرية تعد جزءاً من التاريخ المُخفى لفرقة «سيلز 6» في البحرية الأميركية، التي تُعَدّ إحدى أكثر المنظمات العسكرية «أسطورية وسرية والأقل خضوعاً للتحقّق في الولايات المتحدة».
فـ«الدور الذي تقوم به الفرقة يعكس الطريقة الجديدة التي تنتهجها الولايات المتحدة في الحروب». هنا، لا يتميّز القتال بالفوز والخسارة في الميدان، «ولكن بقتل المشتبه فيهم بأسلوب يتميّز بانعدام الشفقة».
علاوة على كذلك، كل ما يتعلق بفرقة «سيلز 6» ــ التي تُعَدّ وحدة عمليات خاصة ــ محاط بالسرية، «حتى إن البنتاغون لا يعترف علناً باسمها». وعليه، تذكر «نيويورك تايمز» أن السرية التي تحصّن الفرقة تجعل من المستحيل الحصول على تقويم كامل لسجلاتها ولتبعات أعمالها، بما في ذلك عدد الضحايا المدنيين أو تأثير أعمالها على البلاد التي تعمل فيها.
ولكن تفحّص تطوّر الفرقة، من خلال مقابلات مع نحو 12 عضواً سابقاً وحالياً فيها، ومع مسؤولين عسكريين آخرين إضافة إلى مراجعة ملفات تابعة للحكومة، يكشف رواية أكثر تعقيداً واستفزازاً.
مثال على ذلك، أنه في الوقت الذي انخرطت فيه «الفرقة 6» في حربي استنزاف في العراق وأفغانستان، اشتركت عناصرها مع الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) في برنامج سمي «برنامج أوميغا»، «أعطى بعداً جديداً لكيفية تتبع الخصوم واصطيادهم».
مع ذلك، أضافت «نيويورك تايمز»، أنه رغم تحقيق الفرقة نجاحاً مهّماً أثناء قيامها بآلاف العمليات التي أسهمت ــ باعتراف المؤسسة العسكرية ــ في إضعاف الشبكات المناوئة للولايات المتحدة، إلا أن نشاطاتها أثارت قلقاً «بسبب إسرافها في قتل المدنيين». مثلاً، في عام 2009 وجّه قرويون أفغان وقائد عسكري بريطاني اتهامات إلى «الفرقة 6» لقيامها بالقتل الأعمى، وذلك بعدما انضم أعضاء منها إلى وكالة الاستخبارات ووحدات من الجيش الأفغاني، لشن هجوم أدى إلى مقتل مجموعة من الشباب وإلى رفع مستوى التوتر بين الأفغان ومسؤولي «حلف شمال الأطلسي». في هذا الإطار، ذكرت «نيويورك تايمز» أنه على الرغم من تحرير رهينة أميركية، خلال هذا الهجوم، إلا أن أسئلة طُرحت، وقتها، عن سبب إقدام الفرقة على قتل جميع المشاركين في أسره، إضافة إلى قتل مدنيين.
وفيما أشارت الصحيفة إلى أنه لا يجري التحقق، بشكل منتظم، من عمليات الفرقة، فقد نقلت في هذا المجال عن المستشار القانوني السابق في وزارة الخارجية هارولد كوه، قوله: «إنها حقبة، لا يريد فيها الكونغرس أن يعرف الكثير».
أموال كثيرة تدفقت إلى «الفرقة 6» منذ عام 2001، بحسب الصحيفة، الأمر الذي سمح لها بتوسيع صفوفها ــ والوصول إلى نحو 300 عنصر هجوم، و1500 عنصر دعم ــ «وذلك من أجل مواجهة المتطلبات الجديدة».
ولكن بحسب ما قال بريت سلابينسكي، وهو أحد الأعضاء البارزين والمتقاعدين من الفرقة، «الحرب ليست هذا الشيء الجميل الذي تعتقد به الولايات المتحدة».

(الأخبار)