محمد بديرحجزت تل أبيب مكاناً لها في الأزمة المشتعلة بين موسكو وتبليسي عبر الحديث عن دور إسرائيل في تسليح وتدريب الجيش الجورجي وسعيها إلى تقليصه مخافة إغضاب الدب الروسي وانعكاس ذلك على التفوق العسكري النوعي للدولة العبرية في مقابل أعدائها.
وأفادت تقارير عبرية، أمس، أن وزارة الخارجية الإسرائيلية أوصت بتجميد كامل لمبيعات الأسلحة الإسرائيلية إلى جورجيا خشية أن يثير الاستمرار في ذلك غضب الروس ويدفعهم إلى تزويد دول معادية لإسرائيل بأسلحة تهدد تفوقها النوعي. وذكرت صحيفة «هآرتس» أن توصية وزارة الخارجية جاءت في أعقاب نقاش أجرته الوزارة الأربعاء الماضي في ظل اشتعال الأزمة بين جورجيا وروسيا. وأشارت إلى أن الوزارة رأت في إصدار توصية كهذه أمراً واجباً عليها وفقاً لقانون التصدير الأمني التي سُنَّ قبل أربعة أعوام في أعقاب أزمة في العلاقات مع الولايات المتحدة على خلفية بيع إسرائيل للصين تكنولوجيا عسكرية متطورة.
وبرغم توصية وزارة الخارجية، فإن صلاحية اتخاذ قرارات بشأن بيع الأسلحة منوطة بوزارة الدفاع، التي من المقرر أن تجتمع في الأيام المقبلة لبحث القضية.
وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، أن وزارة الدفاع الإسرائيلية أجرت نقاشاً خاصاً لبحث موضوع التعاون العسكري بين إسرائيل وجورجيا من دون أن تتخذ أي قرار بتغيير السياسة المتبعة حالياً. وقال مسؤولون في الوزارة إن «الموضوع يخضع للرقابة الوثيقة، ونحن لا نعمل خلافاً للمصالح الإسرائيلية». وأضاف «لقد رفضنا طلبات عديدة لبيع أسلحة إلى جورجيا، وكل ما صادقنا عليه يخضع للفحص والرقابة. ولا يوجد مانع من بيع وسائل دفاعية إلى جورجيا، كالدروع الفردية أو أي شيء لا يستخدم للهجوم».
وكانت إسرائيل قد أصدرت قبل ستة أشهر أمراً بمنع بيع الأسلحة الهجومية لجورجيا. وجاء القرار في أعقاب احتجاج روسي رسمي على قيام إسرائيل ببيع السلاح لجورجيا واعتباره «خطاً أحمر». وتطرقت روسيا في رسالة الاحتجاج، التي بعثت بها بعدما قامت مقاتلاتها بإسقاط طائرة تجسس جورجية مسيّرة من إنتاج إسرائيلي، إلى تحفظ تل أبيب من بيع موسكو أنظمة سلاح حديثة لإيران وسوريا.
إلا أن قرار المنع الإسرائيلي لم يشمل الصفقات القائمة، ولم يشمل الأسلحة التي تصنف على أنها دفاعية، وتواصل التعاون الأمني بين إسرائيل وجورجيا على نحو واسع. وأفادت «هآرتس» بأن نقاشاً دار خلال السنوات الأخيرة بين وزارتي الخارجية والدفاع في إسرائيل بشأن بيع أسلحة لجورجيا، وحذرت وزارة الخارجية خلال ذلك من مخاطر المس بالعلاقات مع روسيا.
وقبل تسعة أشهر، وفي أعقاب تقديرات بشأن اقتراب حدوث مواجهة بين روسيا وجورجيا، قررت الوزارتان الإسرائيليتان فرض قيود على بيع أسلحة لجورجيا، وبيعها عتاداً دفاعياً فقط، مثل وسائل رؤية ليلية، وطائرات استطلاع من دون طيار ومعدات حراسة وما شابه ذلك.
وكان رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، هو الذي قاد خطوات لتقليص حجم المتاجرة بالأسلحة بين إسرائيل وجورجيا. ونقلت «هآرتس» عن مصدر سياسي قوله إن «على إسرائيل أن تبدي حذراً وحساسية كبيرة في هذه الأيام»، موضحاً أن «الروس يبيعون سلاحاً كثيراً إلى إيران وسوريا ولا ينبغي إعطاؤهم ذريعة لبيعهما سلاحاً أكثر تطوراً». وأضاف المصدر إن إسرائيل معنية بالحؤول دون نقل صواريخ مضادة للطائرات من طراز «أس 300» من روسيا إلى إيران. وتابع «عندما نريد أن نمنع صفقة مستقبلية مع إيران، يجب أن تكون أيدينا نظيفة».
ونقلت «هآرتس» عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها إن تل أبيب ليست مزود سلاح كبيراً لجورجيا، وإن حجم تجارة الأسلحة الإسرائيلية مع جورجيا تبلغ 200 مليون دولار. لكن برغم ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل سبق أن زودت جورجيا بصواريخ مضادة للدبابات وقاذفات صاروخية وذخيرة أخرى، وأنه في الفترة الأخيرة كانت هناك صفقات قيد التنفيذ، بينها تزويد جورجيا بـ 200 دبابة «ميركافا»، إلا أن إسرائيل ادعت أنه جرى تجميدها.
وتعمل شركات أمنية إسرائيلية عديدة في جورجيا حيث تقوم بتدريب القوات الجورجية، وخصوصاً القوات البرية. ويعمل في جورجيا بشكل دائم عدد من مسؤولي وزارة الدفاع الإسرائيلية لمتابعة صادرات إسرائيل العسكرية لجورجيا. ولم يصدر أمر إسرائيلي حتى الآن بعودتهم بعد نشوب الحرب.
إلى ذلك، أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بياناً أعربت فيه عن قلقها البالغ «من التطورات في جنوب أوسيتيا وأبخازيا»، وعن أملها بأن تتوقف «أعمال العنف» هناك. وشدد البيان الإسرائيلي على اعتراف إسرائيل بـ«سلامة أراضي جورجيا»، داعياً إلى التوصل إلى تسوية بالطرق السلمية.
وكانت الخارجية الإسرائيلية قد أصدرت بياناً في وقت سابق حذرت فيه رعاياها من السفر إلى جورجيا «حتى تتّضح صورة الوضع» هناك.