كثّفت الولايات المتحدّة استعداداتها لاستقبال الإعصار «غوستاف»، الذي ضرب سواحلها الجنوبية، أمس، آتياً من الكاريبي، وهمّها عدم تكرار أخطاء إعصار «كاترينا» الذي ضربها قبل 3 سنوات
بول الأشقر
وصل الإعصار «غوستاف»، أمس، إلى الساحل الجنوبي للولايات المتحدة، آتياً من الكاريبي، حيث أسقط 80 قتيلاً قبل أن يصل إلى كوبا، مخلّفاً وراءه دماراً، فيما أجلت السلطات الأميركية أكثر من مليوني شخص من خليج المكسيك وولاية نيو أورلينز.
وضربت عين الإعصار «غوستاف»، وهو من الدرجة الثانية، صباح أمس، جنوب غرب غراند آيل في ولاية لويزيانا، إضافة إلى دلتا نهر المسيسيبي، برياح سرعتها 175 كيلومتراً في الساعة. وأشارت التقارير إلى أن الإعصار استعاد قوة درجة 3 ــــ بين 180 و210 كيلومترات في الساعة ــــ بعدما تراجع إلى درجة 2على سلّم سفير ــــ سيمبسون الذي يتضمن خمس درجات.
ورغم أن قوة «غوستاف» خفّت نسبياً مع اقترابه من الساحل، حذّر خبراء الأرصاد الجوية من ارتفاع «خطير للغاية» في مستوى المياه إلى 4.2 أمتار، وهذا يسبب قلقاً للسكان بعد تجربتهم القاسية مع إعصار «كاترينا» عام 2005 الذي أدى إلى تدمير السدود المائية في نيو أورلينز، ما أغرق المدينة بالمياه لأيام، فضلاً عن التسبب بمقتل 1800 شخص. ويرجّح علماء الطقس أن يصل الإعصار بقوة أدنى من تلك التي ميّزت الإعصار «كاترينا».
وترجّح التقديرات أن يلحق الإعصار أضراراً متوسطة بـ80 ألف مسكن ويقضي على أكثر من 13 ألف منها نهائياً، ويُخلّف 13 مليون طن من الحطام. وقد يُلحق «غوستاف» أضراراً بالمنشآت النفطية في خليج المكسيك، حيث يتجمع ربع الإنتاج الأميركي للنفط الخام، وحيث توقف العمل قبل يومين. وضربت الرياح بقوة داخل منطقة مستودعات بور فورشون، جنوب شرق ولاية لويزيانا، حيث يمرّ أكثر من نصف النفط المتوجّه إلى الولايات المتحدة.
وخوفاً من تكرار كارثة «كاترينا»، نُشر آلاف الجنود وعاملي الطوارئ وعناصر الحرس الوطني في نيو أورلينز بعد القيام بأكبر عملية إخلاء في التاريخ الأميركي. وذكر مسؤولون في لويزيانا أنّه نُشر نحو 750 من أفراد الحرس الوطني في نيو أورلينز استعداداً للقيام بعملية إنقاذ جديدة. وقال حاكم لويزيانا، بوبي جيندال، «هذه عاصفة خطيرة»، ووجه نداءً أخيراً إلى المواطنين الذين أصرّوا على البقاء في نيو أورلينز رغم التحذيرات الحكومية.
وتوجّه الرئيس الأميركي جورج بوش إلى تكساس لمراقبة الاستعدادات للإعصار الذي قتل أكثر من 80 شخصاً في جمهورية الدومينيكان وهايتي وجامايكا.
وقبيل وصول «غوستاف» إلى ولاية نيو أورلينز وخليج المكسيك، سقطت أمطار غزيرة وهبّت رياح قوية على ولاية لويزيانا، وخلت شوارع نيو أورلينز من المارة، فيما احتمى عاملو الطوارئ في مبان آمنه تقع في مناطق مرتفعة في الولاية، وانقطع التيار الكهربائي عن العديد من المناطق الساحلية.
وفيما تضرب آثار العاصفة الاستوائية الولايات المتحدة، بدأت كوبا تكتشف عمق الأضرار التي لحقت بها. وقد مرّ عليها «غوستاف» بدرجة 4 ــــ تتخطى سرعة الرياح 240 كيلومتراً في الساعة ــــ وبدرجة 5 في بعض المناطق حيث أدركت الرياح سرعة 340 كيلومتراً في الساعة.
ولم يُخلّف الإعصار، خلال مروره في كوبا، أي قتلى، بسبب نظام الإنذار والإخلاء المتقدّمين، لكنّه أسقط عشرات الجرحى. وتشير التقارير الأولية إلى أنّ الأضرار «هائلة»، وخصوصاً في ولاية بنيار ديل ريو الغربية وجنوب ساحل ولاية لاهابانا وجزيرة الشبيبة على بعد مئة كيلومتر من العاصمة، حيث قال أحد خبراء الطقس: «بدا كأنه نهاية العالم. وعشرون سنة ستمرّ قبل أن نستعيد وضعنا في بعض المناطق». وتقطّعت المواصلات، وانهارت أبراج عديدة للطاقة، وانقطع توزيع الكهرباء والغاز في مجمل غرب البلد، بما فيه العاصمة، وأتلف جزءٌ كبير من مزارع التبغ، وأُجّلت بداية السنة المدرسية في غرب الجزيرة، والتي كانت انطلاقتها محدّدة يوم أمس.