باريس ــ بسّام الطيارةتشهد مدينة مرسيليا الفرنسية الجنوبية بداية الشهر المقبل، اجتماعاً لوزراء خارجية دول الاتحاد من أجل المتوسط، يتزامن مع اجتماع موازٍ لفعاليات المجتمع المدني الوافدة من الدول التي تؤلف الاتحاد.
إلا أن الاجتماعات التحضيرية ألغيت، حسبما ذكرت مصادر عديدة، واستُبدِلت بمحادثات ثنائية في عدد من المسائل التي كادت تطيح الاجتماع الوزاري.
ولا تزال ثلاث نقاط عالقة تشكّل سحابة سوداء في أفق الاتحاد، الذي أراده الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي «اتحاد مشاريع اقتصادية». غير أن فريقه المكلف الملف، وعلى رأسه هنري غينو، أكد أن الاتحاد ليس «برشلونة ٢»، رغم أن كل العقبات تشير إلى أنه «برشلونة مرة ثانية من دون تسوية مشاكل برشلونة».
وهناك خمس نقاط خلاف، تمنع التأسيس على نجاح مؤكد للقاء مارسيليا: أولها، أنه خلافاً لما أعلنته الرئاسة الفرنسية في تموز عقب القمة الأولى، لم يوافق الفلسطينيون حتى الآن على وثيقة إعلان ولادة الاتحاد رسمياً، لأنها لا تذكر بأن عملية السلام يجب أن تقود إلى قيام دولتين.
ويقول أكثر من مصدر أوروبي إن معظم المسائل التي تتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي، لم تجد حلاً بعد، وهي تنعكس سلباً على الاتحاد الوليد «رغم أن الاتحاد أنشئ لحل هذا النزاع». والواقع أن نقطة الخلاف الثانية تمس أيضاً الصراع العربي الإسرائيلي، إذ تؤكد مصادر دبلوماسية عربية لـ«الأخبار» أن دور الجامعة العربية ووضعيتها داخل الاتحاد «مستهدفان من إسرائيل وبعض الدول الأوروبية».
وأكد مصدر فرنسي «وجود تجاذب في الأمر»، مشيراً إلى أنه يتعلق بـ«تفسير وضع مراقب» الذي أعطي للجامعة.
ويؤكد مراقب أوروبي هذا بنقله عن مسؤول إسرائيلي قوله إن «الجامعة العربية أينما تدخل فهي تحاول التخريب على إسرائيل».
ويشير أكثر من دبلوماسي عربي إلى أن الدول العربية «لا ترضى إلا وأن تُعطى الجامعة دورها في الاتحاد»، وخصوصاً أنها سوف تمثّل صلة وصل بين الاتحاد ودول الخليج «المطلوب دعمها المالي» لتنفيذ المشاريع المتوسطية التي قامت عليها فكرة الاتحاد.
ونقطة الخلاف الثالثة المتعلقة باختيار مقر الأمانة العامة للاتحاد ليست بعيدة أيضاً عن الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي، فقد تقدمت تونس بطلب لاستضافة مقر الاتحاد مدعومة من ساركوزي، الذي يود أن يرى المقر «جنوب البحر المتوسط» بينما تعارض أكثر من عاصمة عربية هذا الخيار لأسباب عديدة. ويرى دبلوماسي عربي في باريس أنه «اختيار تطبيعي مع إسرائيل». وتعارض سوريا اختيار تونس من دون أن تتأكد معلومات عن دعمها مدينة أوروبية.
وعلمت «الأخبار» أن دولاً عربية طرحت اسم مرسيليا «أكبر مدينة شمال المتوسط» حلاً وسطاً بين برشلونة وبروكسل الذي تقترحه الجزائر.
نقطة الخلاف الرابعة ليست عربية، ولكنها يمكن أن تصطبغ بلون عربي إذا لم يستطع ساركوزي إقناع تشيكيا رئيسة الاتحاد الأوروبي في مطلع السنة، بإبقاء الرئاسة في يده، إذ يقول أحد المراقبين إنه إذا انتقلت الرئاسة من فرنسا إلى تشيكيا «بفضل التناوب» فمن المتوقع أن يفتح ذلك الباب على «مسألة تناوب في الرئاسة الجنوبية». وبالطبع فإن اختيار أمين عام للاتحاد، وهو نقطة الخلاف الخامسة، يظل في باب التداول من دون الاتفاق على اسم يرضي الجميع.