بغضّ النظر عن مدى تطوّر الخلاف بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ووزير خارجيته برنار كوشنير، فإن الأكيد هو أنه يتمحور حول العلاقة مع دمشق، التي سيبقى الانفتاح عنوانها، رغم مطبّات لا يتوقّع أن تؤدّي إلى الهاوية
باريس ــ بسّام الطيارة
منذ وصول برنار كوشنير إلى وزارة الخارجية والشؤون الأوروبية، والحديث بشأن «نطاق حرية التصرف» التي يتركها له الرئيس نيكولا ساركوزي، وهو يمثّل مادّة دسمة لوسائل الإعلام. ويجيب كوشنير عن هذه التساؤلات حيناً بممازحة الصحافيين، وأحياناً بتوتّر لا يستطيع ضبط إيقاعه.
ويقول مقرّب من الإليزيه ومن الـ«كي دورسيه» إنّ «شعبية كوشنير تحميه» في هذه الفترة التي يتحدث الجميع فيها عن «تغيير وزاري». حتى إن المصدر يرى أنه «ما دامت شعبية كوشنير مرتفعة، فبالتالي يمكنه أن ينام على حرير» لأن ساركوزي لن يتخلى عنه.
ورغم كل ذلك، فإن الصحافة لا تكف عن نقل «وقائع تباين في الآراء وخلافات في بعض المواضيع» بين الرجلين. وعلمت «الأخبار» أن الوضع يصل بينهما في بعض الأحيان إلى حدّ تبادل «كلمات حادة داخل قاعة مجلس الوزراء»، وهو ما أكدته مجلة «الإكسبريس» الأسبوعية التي تحدثت عن «تهكم الرئيس» على وزيره إثر مداخلة قدمها الأخير عن البرازيل! كما تحدثت مصادر أخرى عن «خلاف بين الرئيس ووزيره بشأن ضرورة إرسال ٣٠٠٠ جندي إلى الكونغو».
في المقابل، تكذّب مصادر مقربة من الرئاسة وجود أي خلاف بين الرجلين، من دون أن تخفي حقيقة أن كوشير «هو الوحيد الذي يسمح لنفسه بمخالفة رأي الرئيس». ومن جهة أخرى، نفى مصدر مقرّب من كوشنير هذه «التسريبات المغرضة»، مشيراً في حديث لـ«الأخبار» إلى أن الرئيس والوزير «مارسا رياضة العدو قبل يومين لمدّة ساعة قضياها يضحكان على ما حملته هذه التسريبات من تلفيقات». إلا أن كل ذلك لا يمنع وجود بعض «التباين» الذي يظهر جلياً بين ساركوزي وكوشنير. وقد أراد البعض أن يرى في زيارة الأمين العام للرئاسة كلود غيان ومستشار الرئيس دافييد لوفيت إلى دمشق أنه مؤشر إلى أنه «عندما تكفهر أجواء طقس العلاقات بين الرجلين، يبدأ التباين بالظهور».
وفي السياق، شدّد أحد أبرز الضالعين في تفاصيل هذا الملف، في حديث مع «الأخبار»، على أن الزيارة تقع «في سياق متابعة مهمة غيان الأولى» في مواصلة الانفتاح على سوريا.
وبحسب مصادر واسعة الاطلاع، فإن ملفات زيارة المسؤولين الفرنسيين إلى عاصمة الأمويين، التي حصلت يوم الأحد الماضي، «شملت ملف متابعة ما آلت إليه خطوات تطبيع العلاقات مع لبنان، وخصوصاً في ما يتعلق بتبادل السفارات وضبط الحدود، في ظل تصاعد وتيرة الأعمال الإرهابية». كما تخلّلت اللقاءات التي أجراها المسؤولان الفرنسيان «شقاً أمنياً فرنسياً ــ سورياً» لم يتوقف العمل على مساره منذ مدة طويلة.
ورغم نفي المصدر التطرق إلى «العلاقات السورية ــ السعودية» بحجة أن «باريس لا ترغب بالوساطة في كل ملفات الشرق الأوسط»، إلا أنه اعترف بأن «الحديث تطرق إلى العلاقات الفرنسية ــ السورية، إضافةً إلى العلاقات الأوروبية ــ السعودية»، وهو ما يفسره بعض الدبلوماسيين العرب في باريس بأنه محاولة «تزييت عملية التواصل بين العواصم الثلاث».
وقد تترجم مفارقة تلازم زيارة ساركوزي إلى الرياض، مع وصول غيان ولوفيت إلى دمشق، رغبة باريسية في تسهيل تفهّم الرياض ودمشق لضرورات الدبلوماسية الفرنسية بـ«الحديث مع الجميع، والاعتماد على جميع القوى الراغبة بحلحلة الأمور».
وفي هذا الإطار، يجزم مصدر مقرب من مركز القرار الفرنسي بأن غيان أكد لمحاوريه أن «الضغوط السعودية والمصرية لن تؤثر في سياسة الانفتاح التي باشرها ساركوزي» إزاء نظام الرئيس بشار الأسد.
ويندرج الملف الإيراني في طليعة ما يمكن أن يكون «غيان قد جاء يستفهمه» بعد زيارة الأسد إلى طهران قبل نحو شهر، بحسب تأكيد أكثر من مصدر ممن يذكرون الرسالة التي حمّلها ساركوزي لنظيره السوري خلال وجوده في دمشق في أيلول الماضي.
وهنا يتحدث مراقبون عرب في باريس عن «سوء تفاهم» حصل حين طلب ساركوزي من نظيره السوري التوسّط مع النظام الإيراني بشأن ملفه النووي. وبحسب هؤلاء المتابعين، فإن دمشق فهمت الأمر بأنه «طلب من طهران توضيح طبيعة برنامجها النووي»، بينما اعتقد ساركوزي بأن الأسد «يمكن أن يقنع طهران بالقبول بمطالب الدول الست» لوقف برنامجها في تخصيب اليورانيوم.
غير أنه بحسب هؤلاء، أتى فتح قضية النووي السوري في الوكالة الدولية للطاقة الذرية «ليمثّل عقبة أمام متابعة حوار الثقة في هذا الملف»، وخصوصاً بعد صدور عدة بيانات فرنسية تطالب بـ«تعاون سوريا مع وكالة الطاقة» مستخدمة التعابير نفسها التي سبق أن جرى التخاطب مع إيران من خلالها.
ويرى البعض أن «ملف سوريا كان ولا يزال أحد معالم اختلاف الرأي بين ساركوزي وكوشنير»، قبل أن يؤكّدوا أن هذا التباين لن يؤثر في علاقة الرجلين نظراً لحاجة كل منهما إلى الآخر... على الأقل في المدى المنظور.


جمعية فرنسيّة تقاضي 3 رؤساء أفارقة

تقدّمت «الجمعيّة الفرنسيّة للشفافيّة الدوليّة»، أمس، وهي جمعية تعنى بالفساد الحكومي في العالم، بدعوة قضائيّة ضدّ 3 رؤساء دول أفريقيّة، على خلفيّة اقتنائهم أملاكاً شخصيّة في فرنسا من مداخيل موازنات دولهم.
وتضمّ لائحة المدّعى عليهم، رؤساء الكونغو دينيس ساسو نغويسو، والغابون عمر بونغو (الصورة)، وغينيا الاستوائيّة تيودورو أوبيانغ، وهي دول تعتمد في موازناتها على صادراتها النفطيّة. وسبق للمسؤولين الثلاثة أن واجهوا دعاوى فساد مشابهة، نفوا فيها التهم الموجّهة إليهم. وفي بيانها الذي أعلنت فيه تقديمها الدعوة لدى القضاء الفرنسي، أشارت الجمعية إلى أن الرؤساء المذكورين، «لا يستطيعون بأي طريقة اقتناء هذه الأملاك في دولة كفرنسا من رواتبهم الحكوميّة». وتستند الدعوة القضائية إلى تحقيق نشرت الشرطة الفرنسية نتائجه في العام الماضي، يفيد أن بحوزة رئيس الغابون عمر بونغو وأقربائه 39 ملكيّة في فرنسا، معظمها مبانٍ فاخرة تقع في الدائرة السادسة عشرة في العاصمة باريس، وهي تُعَدّ أغلى أحياء البلاد.
كما تبيّن من التحقيق نفسه، أن بونغو، الذي يحكم بلاده منذ عام 1967، يملك 9 سيارات و79 حساباً مصرفياً في فرنسا.
أما رئيس الكونغو نغويسو، فقد تبيّن أنه يقتني 24 ملكية غير منقولة و112 حساباً مصرفياً في فرنسا. فيما رئيس غينيا الاستوائيّة أوبيانغ، الذي حوكم في الولايات المتحدة عام 2006 على خلفية شرائه منزلاً بقيمة 35 مليون دولار على شواطئ كاليفورنيا، فهو يملك مسكناً في فرنسا و8 سيارات.
(رويترز)