وسط إجراءات أمنية مشدّدة، شارك فيها 12 ألفاً من رجال الأمن، جرت أمس أعمال مجمع كبار الأساقفة في كاتدرائية يسوع المخلص في موسكو، تحضيراً لانتخاب بطريرك جديد لأرثوذكس روسيا غداً، مع أرجحيّة واسعة لفوز البطريرك «الليبرالي» كيريل
موسكو ــ حبيب فوعاني
يتألف مجمع كبار الأساقفة الروس، الذي يُعدّ أعلى سلطة روحية في إدارة الكنيسة الروسية، من مئتين وعضوين من رؤساء الأبرشيات، التي يبلغ عددها 157 أبرشية روسية أرثوذكسية داخل روسيا وخارجها، وكذلك من وكلائهم من رؤساء مؤسسات السينودس والأكاديميات اللاهوتية. وقد انتخب المجمع في موسكو، أمس، المرشحين الثلاثة لترؤس البطريركية، وهم:
متروبوليت سمولينسك وكالينينغراد كيريل (62 عاماً) بـ 97 صوتاً (وهو يشغل منصب راعي الكنيسة المؤقت)، ومتروبوليت كالوغا وبوروفسك، كليمانت (59 عاماً) بـ 32 صوتاً، ومتروبوليت العاصمة البيلاروسية مينسك وسلوتسك، فيلاريت بـ 16 صوتاً من أصل 195.
وسيُنتخَب البطريرك الجديد خلفاً للراحل ألكسي الثاني، الذي توفّي قبل نحو شهرين، بين 27 و29 من الشهر الجاري. وللمرة الأولى في تاريخ الكنيسة الروسية، مُنح ممثلو دول أجنبية، بينها الولايات المتحدة وكندا وأوكرانيا ومولدوفا وبيلاروسيا وألمانيا وحتى اليابان، حقّ الانتخاب والترشح.
ويستطيع أيّ أسقف أرثوذكسي الترشّح، شرط أن يكون قد بلغ من العمر 40 سنة، وحاصل على تعليم لاهوتي عالٍ وخبرة لا تقل عن سنتين في إدارة الأبرشيات. وتنطبق هذه الشروط على 145 مرشّحاً سجّلت أسماؤهم جميعاً على أوراق الاقتراع، التي طبعت على أوراق خاصة في مطبعة الأوراق النقدية الحكومية الروسية منعاً للتزوير.
وينحصر الصراع بين كيريل وكليمانت مع غلبة واسعة للأوّل. وتطلق الصحافة الروسية على كيريل صفة «الليبرالي»، وهو بحكم ترؤّسه لقسم العلاقات الكنسية الخارجية، كان يلتقي بممثلي الطوائف الكاثوليكية والإسلامية واليهودية، ما جعل أعداءه يوجّهون إليه أصابع الاتهام «بخيانة الأرثوذكسية»، والتقارب مع الكاثوليك. كما يؤخذ عليه خصومه، تمثيله للكنيسة الروسية في مجلس الكنائس العالمي.
وعلى خلفية «الحرب» المستعرة بين أنصار المرشحين الأساسيين، عادت إلى الأضواء فضيحة استيراد التبغ من دون رسوم جمركية، إذ تلقّت الكنيسة الروسية إذناً بممارسته من الدولة في سنوات التسعينيات العجاف. وعاد لقب «مطران التبغ» إلى المتروبوليت كيريل، إلى جانب تهمة الميل إلى النشاط التجاري على حساب الشؤون الدينية.
ومع أن منافسه كليمانت، الذي تطلق عليه الصحافة الروسية صفة «المحافظ»، يلتزم الصمت، فإن شقيقه يُتّهم بإرغام الناخبين على انتخابه. لكن المتروبوليت كيريل نال دعماً مهماً ومفاجئاً من عضو مجلس الاتحاد (الشيوخ) ألكسندر بوتشينوك، الذي أكد أن الراحل ألكسي الثاني هو الذي طلب من الحكومة الروسية حينها، السماح للكنيسة باستيراد بضائع معفية من الرسوم، موضحاً أنّ كليمانت نفسه كان عضواً في اللجنة الحكومية التي منحت هذه الإعفاءات.
ويتمتع المتروبوليت كيريل بشعبية كبيرة بين المواطنين الروس، إذ فضّله 28 في المئة منهم في استطلاع أجراه مركز دراسة الرأي العام الروسي حول البطريرك الروسي الجديد، فيما لم ينل المتروبوليت كليمانت حتى 1 في المئة من أصوات المستطلَعين.
وسيتمّ تنصيب البطريرك الجديد في الأول من شباط المقبل، فيما انتخابه سيُحسم بين يومي الثلاثاء والخميس المقبلين.