قرار قرغيزستان بإغلاق القاعدة العسكرية الأميركية نجح في منح موسكو بطاقات لمصلحة تحصيل مكاسب على حساب واشنطن، وخصوصاً في أفغانستان، رغم قلق البعض من اللحظة ما قبل الأخيرة
موسكو ــ حبيب فوعاني
وافقت لجنة الدفاع والأمن في البرلمان القرغيزستاني بالإجماع، الاثنين الماضي، على مشروع قانونٍ تقدمت به الحكومة لفسخ الاتفاقية الموقّعة عام 2001 مع الولايات المتحدة، بشأن قاعدة «غانسي» الأميركية في مطار «ماناس» الدولي قرب العاصمة بشكيك. ومن المقرر أن تحذو حذوها هذا الأسبوع لجنة الشؤون الدولية والتعاون الدولي، ليتم بعد ذلك طرح مشروع القانون على البرلمان لمناقشته في جلسة عامة والتصويت عليه. لكن البرلمانيين طلبوا من الحكومة تزويدهم بمعلومات عن القاعدة تتعلق بالجرائم التي ارتكبها أفرادها، المدنيون والعسكريون، من دهس المارة في بشكيك إلى الاصطدام بطائرة مدنية وقتل مواطن قرغيزستاني عام 2006 على أرض القاعدة.
وإضافة إلى ذلك، ستحيل الحكومة إلى البرلمان قريباً مشاريع قوانين أخرى لطرد عسكريين من 11 دولة أعضاء في «تحالف مكافحة الإرهاب» في أفغانستان.
وعموماً، يؤكد المسؤولون القرغيزيون عزمهم القاطع على إغلاق القاعدة، إذ قال أمين مجلس الأمن القومي، أداخان مادوماروف، إن «القرار الذي اتخذ بشأن القاعدة سياسي ولا رجعة فيه».
وأوضح الناطق باسم الحكومة، أيبك سلطان قاضييف، أن «قرار إغلاق القاعدة قد اتخذ. والسفارة الأميركية ووزارة الخارجية تتبادلان وجهات النظر بشأن الجدول الزمني لإغلاقها»، حتى إن وزير الخارجية، قادر بك ساربايف، أكد من بشكيك أنه «لا مفاوضات مع الجانب الأميركي».
لكن، وبغض النظر عن التصريحات الحازمة للمسؤولين في بشكيك، أشارت مصادر صحيفة «كوميرسانت» الروسية إلى أنها «لا تستبعد إمكان اختلاق أعذار في البرلمان للمماطلة بإقرار مشروع القانون، وخصوصاً أن حل المسألة مرتبط كلياً بموعد تقديم موسكو مساعدتها المالية إلى بشكيك، وتحويل 450 مليون دولار منها بحلول 30 نيسان المقبل. فالرئيس القرغيزي باكييف لا يريد فسخ الاتفاقية فوراً وإسقاط ورقة الضغط هذه من يده لكي لا يبقى تحت رحمة موسكو».
وفيما حاولت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، التخفيف من آثار فقدان القاعدة على عمليات حلف شمالي الأطلسي في أفغانستان، فإن المتحدث باسم البيت الأبيض، روبرت غيبس، قال «نحن ننوي العمل مع السلطات القرغيزية بهدف تصحيح الوضع القائم».
ويبدو أن واشنطن تتفهم أهمية المصالح الاستراتيجية والاقتصادية في المنطقة لروسيا، إذ دعا الأمين العام لحلف الأطلسي، ياب دي هوب شيفر، روسيا إلى «استخدام نفوذها لإقناع قرغيزستان بعدم إغلاق القاعدة». إلا أن الأمر لا يتعلق بمصالح موسكو الروسية في آسيا الوسطى وحسب، إذ يرى مدير المشروع الاستراتيجي الأوراسي في جامعة «جورج تاون»، كوري ولت، أن التفاهم بشأنها «يمكن أن يكون خطوة أولى في لعبة كبرى يريد الروس من خلالها عرض تعاون أوثق مع الأطلسي في أفغانستان، في مقابل ضمانات مؤكدة بالنسبة إلى عدم توسعه إلى الحدود الروسية».
ويرى المراقبون الغربيون أن «باكييف يمكن أن يتخلى عن فكرة إغلاق القاعدة إذا قبض الثمن اللازم». غير أن بشكيك وموسكو لمّحتا إلى أن الأمر لن يقتصر على ذلك، ويجب على الرئيس الأميركي، باراك أوباما، «عقد صفقة أكبر» مع رئيس الوزراء الروسي، فلاديمير بوتين، بحسب صحيفة «بوسطن غلوب» الأميركية، تتضمن إرجاء نشر منظومة الدرع الصاروخية في بولندا وتشيكيا، وعدم ضم جورجيا وأوكرانيا إلى «الأطلسي». كذلك يسعى بوتين إلى حصر التعامل مع دول آسيا الوسطى بالكرملين.
في المقابل، تجري الإدارة الأميركية مباحثات نشطة حول طرق مرور الإمدادات إلى قواتها في أفغانستان مع السلطات الأوزبكستانية والطاجكستانية. وأكدت مصادر دبلوماسية غربية في طشقند، لصحيفة «كوميرسانت»، أن «واشنطن على وشك عقد اتفاقية مع أوزبكستان لافتتاح سكة حديد جديدة لتموين القوات الأميركية عبر الأراضي الأوزبكستانية».
وسيبدأ الأميركيون، وفقاً للسفيرة لدى طاجكستان، تريسي جاكوبسون، قريباً ببناء جسر ثان جديد بطول 400 متر فوق نهر بنغ على الحدود الطاجكستانية ـــــ الأفغانية، على بعد 200 كيلومتر من العاصمة دوشنبه. وبالإضافة إلى ذلك، سيبني الأميركيون معسكر تدريب في مدينة طورسون زادة على بعد 60 كيلومتراً من دوشنبه، لتدريب القوات الطاجيكية.
إلى ذلك، أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الكازاخستانية أن بلاده «وافقت على نقل معدات براً عبر أراضيها لدعم القوات الأميركية في أفغانستان، ذات استخدام مدني».
ويرى محلل المجموعة الدولية الأميركية لمعالجة الأزمات، بول كوين جاد، أن فتح ممر إمداد بديل عبر طاجكستان لنقل الشحنات العسكرية إلى أفغانستان، «ليس أفضل خيار لأن منطقة آسيا الوسطى معقدة أكثر مما تراها واشنطن».


روسيا تدعم «ميغ ـ 29»

يبدو أن المقال الذي نشرته صحيفة «كوميرسانت» الروسية في السادس من الشهر الجاري، قد فتح أعين السلطات الروسية على وضع مقاتلات «ميغ» المزري في الجيش الروسي. إذ اعترفت مصادر في وزارة الدفاع لهذه الصحيفة بأن «نحو 200 من مقاتلات ميغ ــ 29، أي ثلث مجموع الطائرات التي يستخدمها الجيش الروسي، عاجزة عن القيام بمهامها القتالية بسبب تقادم عهدها».
وقال المدير العام لمصنع محركات طائرات «ميغ»، ألكسندر نوفيكوف، في شهر كانون الأول الماضي، إن «70 في المئة من بين291 طائرة ميغ ــ 29، تستخدمها القوات الجوية الروسية غير صالحة للطيران». وقد أشار مصدر في المجمع الصناعي العسكري الروسي إلى حوادث سقوط طائرات جمة وقعت في المدة الأخيرة بسبب قدم الطائرات وتآكل أجزائها.
وجاء ذلك بعد «الفضيحة الجزائرية» التي تعرّض لها المجمع العسكري الصناعي الروسي، عندما فسخت الجزائر عقداً وقّعته عام 2006 مع روسيا بقيمة مليار و300 مليون دولار لشراء 34 طائرة «ميغ ــ 29»، لكنها توصلت إلى الاتفاق مع موسكو قبل عام على إعادة 15 طائرة منها سبق أن تسلّمتها. ويبدو أن موسكو قررت مساندة منتجي هذه الطائرات التي تعدّ رمزاً للصناعة العسكرية الروسية، إذ أعلن نائب رئيس الحكومة الروسية، سيرغي إيفانوف، الثلاثاء الماضي، أن «وزارة الدفاع اشترت 34 طائرة كانت مخصصة للتصدير إلى الجزائر». كذلك أعلن رئيس الحكومة، فلاديمير بوتين، أول من أمس، أن «الحكومة ستخصص نحو مليار دولار لشراء منتجات ميغ خلال عام 2009، ولشراء أسهم إضافية في الشركة، التي تبلغ ديونها نحو ملياري دولار».
(الأخبار)